للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠٩٩ - فأما القسمُ الثالث وهو الدَّيْن الثابتُ ثمناً، فنقول: في جَوازِ الاستبدال عن الثمن قولان للشافعي: أحدهما - أنه باطِل؛ فإنه دَين ثبت عوضاً في معاوضةٍ، فلا يجوز الاستبدال عنه، كالمسلَم فيه.

والقول الثاني - يجوز الاستبدال عنه؛ فإن الثمن لا يُقصد لعينهِ، وإنما تُقصدُ الماليّةُ منه، والاستبدال يُديمُ الماليةَ وحكمَها، وليس كذلكَ المسلَم فيه؛ فإنه مقصودٌ في جنسهِ، كالأعيان المعيّنَة.

وهذا ضعيف في القياسِ، ولكن رُوي عن ابن عُمر أنه قال: كنا نبيعُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدراهم، فنأخذ بدلَها دنانيرَ، ونبيع بالدنانير، فنأخذ بَدَلها دراهم، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما لَبسٌ " (١) وروي " وليس بينكما شيء " وهذا الحديث يقرب من مراتب النصوص، وقد حملناه في الخلاف على التبادلِ في المجلس، وهذا يخرج على مصيرنا إلى أن إلحاق الزوائد بالثمن والمثمّن جائزٌ في مجلس العقدِ، وزمانِ الخيار، ويشهدُ لهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما لَبس ".

٣١٠٠ - وتمام البيان موقوف على أن نذكر حقيقةَ الثمن والمثمَّن، وحاصلُ المذهب في ذلك ثلاثةُ أوجه: أحدُهما - أن الثمن هو الدراهم والدنانير المضروبتان.

والوجه الثاني - أن الثمن ما اتصل به باء الثمنيّة في صيغة العقد، فإذا قال القائل: بعتك هذا العبدَ بهذا الثوبِ، فقال مالك الثوب: قبلتُ، كان الثوبُ ثمناً والعبدُ مثمناً.

ولو فُرضت الصيغةُ على خلاف ذلك، فالمتبعُ عند هذا القائِل في تمييزِ الثمنِ عن


(١) حديث ابن عمر، روي بهذا اللفظ، وغيره (ر. أحمد: ٢/ ٨٣، ١٥٤، أبو داود: البيوع، باب في اقتضاء الذهب من الورق، ح ٣٣٥٤، ٣٣٥٥، والترمذي: بيوع، الصرف، ح ١٢٤٢، والنسائي: بيوع، بيع الفضة بالذهب، ح ٤٥٨٢، والبيهقي: ٥/ ٢٨٤، ٣١٥، تلخيص الحبير: ٣/ ٦٠ - ٦١ ح ١٢٠٨).