المثمن الباءُ التي سميناها باءَ الثمنية، فعلى هذا إذا قال بعتك هذه الدراهم بهذا العبد فالدراهم مثمن والعبدُ ثمن.
والوجهُ الثالث - أن العقد إذا اشتمل على نقد وعَرْضٍ، فالثمن هو النقدُ سواءٌ ذكر بالباء، أو لم يذكر به، وإن لم يشتمل العقدُ على نقدٍ وإنما قوبل عَرْضٌ بعرض، فالثمن منهما ما يتصل به باءُ الثمنيةِ.
وإن قُلنا: الثمنُ هو النقدُ، فهل يصحُّ أن يُذكر مثمناً أوْ لا؟ ظهر اختلاف أصحابنا في أن السلم في الدراهم هل يصح؟ والأصح الصحةُ. والوجهُ الآخر وإن كان مشهوراً، فلا مخرجَ لتوجيهه إلا الامتناعُ من تقدير الدراهم على رتبةِ المبيع المثمَّن.
فإذا ثبت هذا فإن قلنا: لا يصح السلمُ في الدراهم. فلو قال: بعتك هذه الدراهمَ بهذا العبد، فمن أئمتنا من منع هذا. كما منعنا السلم في الدراهم.
والجامعُ ما ذكرناه من تقدير النقد مبيعاً ومنهم مَنْ أجاز هذا. وكان شيخي يقول: لو قال بعتك ألفَ درهم بهذا العبد من غير تعيين الدراهم، فهو بعينه على الخلاف المذكور في السلم في الدراهم، وإنما التردد في الدراهم المعينة إذا ذكرت مبيعةً.
٣١٠١ - فإذا ثبتت هذه المقدمةُ، وصلناها بأخرى، وقلنا: إذا قال: بعتك هذا العبدَ بثوبٍ، وأطنب في وصفه، فالثوبُ هل يثبت له حكمُ المسلمِ فيه؟ أم هو على حكم الأثمان؟ خرج الأصحابُ هذا على الخلاف المذكور في أن العروض هل تصيرُ أثماناً بباء الثمنية، ولم يختلفوا في صحة العقد. فإن قلنا: الثوبُ ثمن، فلا يجب تسليمُ العبد في المجلس، وإن قلنا: الثوبُ في حكم المسلم فيه، فهل يجب تسليم العبد في المجلس؟ فعلى وجهين سنذكرهما في كتاب السلم: أحدهما - أنه يجب؛ [فإنّ](١) الصفقةَ اشتملت على موصوفٍ من العروض، وهذا هو السلم. والثاني - لا يثبت حكم السلم؛ فإنها لم تثبت على صيغة السلم، ولصيغ العقودِ آثار بيّنة، فإذا انضم هذا إلى ما ذكرنا لحقيقة الثمنية، عُدْنا بعدَ ذلك إلى إتمام القول في الاستبدال.