وهذا فيه إشكال من طريق القياس؛ فإن المعنى لا يُرشد إلى إثبات الصاع بدلاً عن اللبن، وإنما المتبع فيهِ الخبر، والخبر وردَ في التصرية، والقياسُ في هذا يقتضي أن ننزلَ البهيمةَ مع وجود اللبن في ضرعها، منزلةَ ما لو اشترى الرجل شجرةً مع ثمرتها، ثم تلفت الثمر فأرادَ رَدَّ الشجرةِ بعَيب قديم صادفَهُ بها، فيدخل هذا في تفريق الصفقة، هذا حكمُ القياس. ولكن الشافعي وجميعَ الأصحاب، حكموا بما ذكرناه. والسببُ فيهِ أن الردَّ بالعيب القديم في معنى الرد بالخُلف قطعاً. واللبن في الواقعتين على قضيةٍ واحدةٍ، فرأى الشافعيُ إلحاقَ الواقعةِ بالواقعةِ، كما رأى إلحاقَ الأمة بالعبد في قوله عليه السلام "من أعتق شِرْكاً له من عبدٍ قُوِّم عليه". وذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص: إن من أصحابنا من ردّ هذه المسألةَ إلى موجَب القياس، وخرَّجها على تفريقِ الصفقةِ. وقد ذكرنا طريق القياس.
فرع:
٣١٢٨ - إذا أثبتنا الخيارَ في الجارية المصرَّاة، فإذا رُدّت، فهل يجب ردُّ شيءٍ في مقابلةِ لبنها؟ اختلف أصحابنا في المسألة.
فمنهم من أوجب ردَّ الصاع، وقال: إذا نزّلنا الجارية منزلة البهيمة المحفّلةِ في أصلِ الخيارِ، وجب أن ننزِّلَها منزلتها في التفصيل.
والوجه الثاني -ذكره الصيدلاني وغيره- أنه لا يجب في مقابلة اللبنِ شيءٌ؛ فإنّ لبنَ الآدميات لا يباع في الغالب.
وهذا فيهِ فضل نظر، والوجه أن نقولَ: إن لم يكن لذلك القدرِ قيمةٌ، ونحن نرى تنزيلَ المبذول على قيمة اللبن، فلا يجب شيء، وإن اتبعنا الصاعَ، ولم ننزله على القلَّة والكثرة على قيمة اللبن، ففي المسألة وجهان:
أحدهما - أنه يجب الصاعُ، لتحقيق الاتباع، والثاني - لا يجبُ؛ لأن الصاع [أُثبت](١) بدلاً شرعياً، فليثبت له مبدل، وليكن المبدل متمولاً.
هذا إذا لم يكن اللبن متقوَّماً. فإن كان اللبن متقوَّماً، يجب البدل لا محالةَ، فإنَّ