للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاريان، وإن كانت قيمةُ الصاع مثلَ نصفِ قيمة الشاة، فيجب بذلُ الصاع، هكذا رواه (١).

وقطع صاحب التقريب جوابه باعتبار قيمة الوَسط من صورة الوجهين.

ومما يدور في الخلد أن اللبن إن كان شُرب أو ضاع، فالأمر على ما ذكرناه. وإن كان متغيراً، لم يُردَّ وقد حدث به عيبُ التغيير، ولكن وإن كان اللبنُ موجوداً حالة العقد ثم حُلبَ وتغيَّر، فلا نجعل الشاةَ مع اللبن بمثابةِ عبدين يشتريهما الرجل، ويقبضهما ويحدُث بأحدهما عيبٌ في يَدهِ، ويطَّلِع على عيبٍ قديم بالثاني، فهذا من فروع تفريق الصفقةِ آخراً، وفيه اختلافٌ سيأتي. وليس الأمر في اللبن معَ الشاةِ كذلك، وفيه نص النبي صلى الله عليه وسلم على إقامةِ الصاع مقامَ اللبن.

وإن فرض فارض بقاءَ اللبن الحليب من غير تغير، حتى يثبت الخيار، فهذا تكلُّفُ أمرٍ لا يتصوَّر؛ فإنَ خُلفَ الظن يَبينُ بالحلب في النوبةِ الأخرى، ويتغيَّر اللبن لا محالةَ في جميع الأَهْوية. ولَو صُوِّرَ ذلَك على بُعد، فردُّ عين اللبن عندي مع الاتباع ليس بعيداً عن الاحتمال، والخبر يكون محمولاً على غالب الحال. وهذا يشابهُ قولَ من يُثبت الخيار على الفور، ويحمل ذكرَ المدةِ في الحديث على غالب الأمر، فإن الخُلف لا يبين إلا في مُدَّةٍ.

فرع:

٣١٢٧ - لو بان التلبيس، ورضي المشتري بالبهيمة، ثم وجدَ بها عيباً قديماً، فأراد الردَّ، فله الردُّ بالعيبِ القديم.

ثم قالَ الأصحاب: يرُدّ مكان اللبن صاعاً من تمر، كما لو رَدّ بسبب التصرية، قطع الإمام (٢) وصاحبُ التقريب والصيدلاني أجوبتَهم بذلك، ونصّ الشافعي عليه في المختصر (٣).


(١) الذي رواه هو أبو محمد، والد إمام الحرمين، وشيخه، وقد ترجح لدينا ذلك، اعتماداً على ما ألِفناه من أسلوب الإمام، ثم قطعنا به بعد ما قرأنا حكاية هذا القول، وجميع الأقوال في المسألة لتقي الدين السبكي في المجموع: ١٢/ ٥٨، ٥٩.
(٢) الإمام: والده.
(٣) ر. المختصر: ٢/ ١٨٥.