للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول التعدد- ففي صحة البيع إذا انفرد أحدهما بالقبول وجهان: أظهرهما في القياس - التصحيحُ؛ وفاءً بتعدد الصفقة، وإجراءً لحكمِ الآخر على الأول رداً وقبولاً.

وأظهرهُما في النقل - أن ذلك مُمتنِعٌ؛ فإنا وإن حكمنا بتعدد الصفقةِ، فصيغة قولِ البائع تقتضي جوابَهما، حتى كأنها مشروطةٌ بأن يجيباه جميعاً، وهذا بمثابةِ اقتضاءِ الإيجاب الجوابَ على الفور، وليس هو من حكم العقد، وإنما هو من مقتضى اللفظ في مُطَرد العرفِ.

وللشافعي نصٌّ في كتاب الخُلع يشهدُ لتصحيح القبول من أحدهما؛ فإنه قال: إذا خالعَ زوجتَيه، فقبلت إحداهما، صح القبول منها، ولزمها قسطٌ من البدل المسمَّى.

وإذا كان يصح هذا في الخُلع، فالبيع بالصحة أولى؛ من قِبَل أن الخلعَ معاوضةٌ مشوبة بالتعليق، والتعليق بصفتين يتضمن وقوف الطلاق على وجودهما جميعاً.

والمعاوضةُ لا تقتضي هذا الفنَّ؛ فإن الأحكامَ والمقاصدَ عليها أغلبُ، وقضايا الألفاظ على التعليقات أغلبُ.

وإن فرّعنا على اتحاد الصفقة، فيمتنع انفرادُ أحدهما بالرد فيما يَنقُصُه التبعيضُ، [فأما ما لا ينقصه التبعيضُ] (١) كذوات الأمثال، فإذا اشترى رجلان صاعاً من الحِنطةِ واقتسماهُ، وظهرَ عيب بالحنطةِ، فهل لأحدهما الانفراد برَد نصيبه؟

اختلف أصحابُنا فيه: فمن مانعٍ ومن مجوّزٍ. والخلاف مأخوذ من المعنيين المذكورين في توجيه القول، فإن كان التعويل على اتحاد الصفقة، فلا فرقَ بين أن يكون الشيء بحيث ينقُصه التبعيضُ، أو لم يكن كذلك، وإن وقع التعويل على أن التبعيض عيبٌ حادث، فهذا المعنى لا يتحقق في البُرِّ وغيرهِ، وكأنّ أصحاب هذا القول غيرُ متفقين في اتحاد الصفقة.

٣١٣٥ - ومن التفريع على هذا القول أنّا إذا منعنا أحدَهُما من الانفراد بالرد، فلو أرادَ مطالبتَهُ بالأرش، فهل له ذلك، أم لا؟

إن أَيِسْنَا من إمكان الردّ في نصيب صاحبه، بأن أعتقهُ، وكان معسراً، فلم يَسْرِ


(١) ساقط من الأصل.