للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العتق، فقد تحقق اليأس من إمكان الرد، فله الرجوعُ بالأرش؛ فإن ردّ البعض ممتنعٌ، وردُّ الجميع مأيوس عنه. وسيأتي تمهيدُ ذلكَ في الرجوع بالأرش.

وإن لم يُعتِق، ولم يأت بما يزيل المِلك بالكلية، فلا يخلو: إما أن يرضى بالعيب ويُسقِط حقَّ نفسه من الرَّد وإما ألَاّ يرضى، ولا يسقطَ، ولكن امتنع الردُّ منه لغيبةٍ، أو ما في معناها.

فإن أسْقط حق الرد [فهل للذي] (١) لم يُسقط حقهُ الرجوعُ بالأرش؟ أم لا؟ ذكر أصحابُنا وجهين، نسردهما، ثم نذكر حقيقتَهما: أحدُهما - أنه يملك المطالبةَ بالأرش؛ فإن الاجتماعَ على الرد منهما غيرُ ممكنٍ بعدما أَسقط [أحدهما] (٢) حقّه.

والوجه الثاني - أنه لا يرجع بالأرش، لأن الرَّدَّ ممكن، بأن يملّكَ ذلك النصفَ باتّهابٍ، أو ابتياعٍ، أو غيرِهما، وإذا ملكه، فيضمُّ ما ملكه إلى ما اشتراه، ويردُّ الجميعَ، ويرجعُ بنصف الثمن، ويكون النصفُ المضمومُ إلى نصفه الذي اشتراه مؤنةً عليه يدرأ بها عيبَ (٣) التبعيض، ويلزم البائعَ قبولُه كما يلزمُ قبولُ النعل.

وإذا كان ذلك ممكناً، فتوقعه يمنع المطالبةَ بالأرش.

ونحن نقول: أما الإجبار على قبول النعل، فهو صحيح، وكان تفصيلُه محالاً على هذا الباب، وسيأتي إن شاء اللهُ تعالى.

وأما إلزامُ البائِع قبولَ نصفٍ لم يبعه من هذا الشخص، فليس يشابهُ النَعل؛ من جهةِ أن النعل تَبَعٌ.

وقد اختلف أصحابُنا في هذا النوع، وهو كاختلافهم في أن من باع ثمرة على رؤوس الأشجار فتَجَدّدت للبائع ثمارٌ، واختلطت بالمبيع، فلو وَهَب تلك الثمارَ من المشتري، فهل يُجبر المشتري على القبُول؟ فيه وجهان: والأقيسُ عندي أن لا يُجبر على القبول؛ فإن تطويق الإنسان مِنَّة في أمر مقصودٍ ليندفعَ به حقٌّ له ثابت بعيدٌ من الجواز.


(١) في الأصل: قبل الذي.
(٢) في الأصل: حقهما. (وهذا تصحيف طريف).
(٣) ساقطة من (هـ ٢).