فإن الملك تفرَّق عليهما إرثاً، والعقد في أصله وقع على الاتحاد، والاعتبارُ بما وقعَ العقد عليهِ، لا بما أفضى حكمُ التوريث إليه.
ولو اشترى رجل من رجلين عبداً، فلا خلاف أن الصفقةَ متعدّدةٌ في حكم الرَّدّ، فإذا اطّلَع المشتري على عيب قديمِ، تخيَّر: فإن أحبَّ ردَّ عليهما، وإن أراد أن يرد نصيب أحدهما عليه، ويمسكَ نصيبَ الآخر، فله ذلك. ولا خلاف أنهما إذا أنشآ البيعَ في العبد المشترك بينهُما، فقبِل المخاطبُ الواحدُ البيعَ في حصةِ أحدهما، صح ذلك.
ولو وكّل رجلان رجلاً حتى يشتري لهما عبداً من رجل، أو وكّل رجلانِ رجلاً حتى يبيع عبداً مشتركاً بينهُما من رجل، وقد صَحَّ تفصيل القول في أن الصفقة تتعدَّد في حكم الرَّدّ بتعدد البائع، وفي تَعدُّدِها بتعدد المشتري القولان والتفصيل، فإذا تعدَّد الموكِّل من أحد الجانبين واتّحَدَ الوكيل، فحاصل ما قالهُ الأصحابُ ثلاثةُ أوجهٍ: أحدُها - أن الاعتبارَ بالمُوكِّل من الجانبين؛ فإنه الأصلُ، وإليه المصيرُ. أمّا الموكِّل بالشراء، فهو المالكُ دون الوكيل، فإذا وكَّل رجلان رجلاً بالشراء، اقتضى العقد تثبيت الملك للموكّلَيْن مبعّضاً، كما لو توَلّيا الشراء بأنفُسِهما، والتعويل على ما يقع عليه مقتضى العقد. وإن وكل رجلان رجلاً بالبيع، فالمبيع يخرج عن أملاكِ البائعَيْن، وما قدرناه من اتحاد الوكيل لا أثرَ له في مقتضى العقد؛ فإن عبارة الوكيل مستعارةٌ، وكان وكيل الرجلين ناطق بلسانين.
والوجه الثاني - أن الاعتبار بالوكيل، لأنهُ المتعاطي للعقد، وانقسامُ الملك على الموكِّلَيْن إزالة وجلباً، بمثابةِ انقسامِ المبيع على الوارثين وكان المشتري واحداً.
والوجه الثالث - أنا نفصِّل بين جانب المشتري وجانب البائع، فنقول: الاعتبارُ في جانب البائع بالموكِّل، وفي جانب المشتري بالوكيل، وهذا اختيار أبي إسحاق المروزي، والفاصلُ عنده بين الجانبين أن الوكيل في جانب البائع لا استقلال له أصلاً، ولو مال العقد عن مُوجَب إذن الموكِّل بالبيع، لفسد العقد، ثم لم نجد نفاذاً.