للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه حكمَ البيع الأول، ثم إذا اتفق ذلك، فللمشتري الردُّ على البائع الأول، فإن الجهاتِ التي تخللت، ارتفعت بالفسوخ، وكأن لم تكن.

ولو اشترى المشتري الأول من المشتري الثاني، ثم اطلع على العيب كما صَوّرنَاه، فأراد الردَّ على البائع الأول، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لا يملك ذلك، والثاني - يملكه. والوجهان مرتبان على ما لو عَادَ إليهِ بجهةٍ لا تُثبت الردّ.

والصورة التي نحن فيها أولى بأن لا يجوز الرَّدُّ فيها على البائع الأول. والفرق أن الرد على أقرب الجهات ممكن، فالاشتغالُ بالأقربِ أولى، وليس كذلك إذا كان العَوْد بهبةٍ؛ فإن الردَّ على من منه تَلقِّي (١) الملكِ آخراً غيرُ ممكن.

فإن قيل: إذا باع المشتري الأولُ ما اشتراه من إنسانٍ، ثم وهب ذلك المشتري منه، فما قولكم في هذه الصورة؟ قُلنا: اجتمع في هذه الصورة ظنُّ الترويج بالبيع الأول، وتبدّل المِلك بجهةٍ لا تقتضي الردَّ، فالقول في تمليك المشتري الأول الردَّ مُتَلَقَّى مما قدَّمناه من الأصول المفردَة.

والفقيهُ لا يختلط عليه مأخذُ الكلام عند اجتماع المقتضيات، واختلافها واتفاقها.

وما غادرْنا مأخذاً في تأصيلٍ وتفصيلٍ، وترتيبٍ وتقديمٍ، من طريق الأوْلى في ملكِ الرد، والرجوع بالأرش في محل اليأس والإمكان، إلا نبهنا علَيهِ، فلَا معنى للتطويل بتكثير الصُّور.

وقد نجز الكلامُ في هذا المانع وهو انتقالُ الملكِ.

٣١٥١ - ومن الموانعِ حدوث العيب في يد المشتري، فإذا اشترى رجل شيئاً وقبضه، فعاب في يده، لم يخلُ: إما أن يترتب ذلك على سببٍ كان في يد البائع، أَوْ لا يترتب على متقدّم. فإن ترتَّب على متقدِّم، مثل أن تُقطعَ يدُه بسرقةٍ سبقت، أو يتمادى به مرضٌ تقدَّم أصلُه، فهذه الأجناسُ نجمعُها في فصلٍ.

ونقصُر الآن غرضنا على العَيب المتجدّد، الذي لا استنادَ له إلى سابقٍ.

فإذا حدث واطلع على عيبٍ قديمٍ، فهذا الفصلُ فيه أدنى اختلاط في كلام


(١) (ص): بلغ.