المشايخ، ولكن الوجه أن نستاق ما بلغنا على أقوم ترتيب، ثم نذكر حاصلَ المذهب عندنا.
والوجهُ في الترتيب أن نقول: إذا جاء المشتري إلى البائع لاستدراكِ الظُّلامةِ، فلو رضي البائع بقبول المبيع، مع العيب الحادثِ، فلا كلام.
ولو أراد المشتري أن يُلزمَه قبولَ المبيع رداً عليه، من غير أن يغرَمَ له شيئاً في مقابلةِ العيب الحادث، فلا سبيل إلى إلزامه ذلك؛ فإن هذا إلحاق ظُلامة في استدراك ظُلامَةٍ.
ولو قال المشتري للبائع: اغرَم لي أرشَ العيب القديم، وقال البائع: رضيتُ بالمبيع معيباً، فرُدَّه من غير أن تَغْرَمَ شيئاً، فليس للمشتري حق الأرش.
ولو قال البائع: لستُ أغرَمُ لك الأرشَ، ولا أقبلُ المبيع مع العيب الحادث، ولكن ضُمَّ إلى المبيع أرشَ العيب الحادث، ورُدّ المبيعَ معهُ واسترِدَّ الثمنَ. وقال المشتري: بل أطلبُ أرشَ العَيبِ القديمِ، ولا أرغب في الردِّ مع أرش العيب. ففي المسألة وَجهان: أحدهما - أن المتبع قولُ البائع، فإن جرى عليه المشتري، فذاك، وإن أبى، بطل حقُّه، وليس له طلبُ الأرشِ.
هذا منتهى ما ذكرهُ الصيدلاني وغَيرُه.
وذكر بعض أصحابنا خلافاً على صيغةٍ أخرى، وقالُوا: لو جاء المشتري إلى البائع، وقالَ: دُونَك المبيعَ وأرشَ العيب الحادث، فاقبلهُما ورُدَّ عليَّ الثمن. فقال البائع: لا أقبلُ ما جئتَ به، ولكن أغرَم لك أرشَ العيب القديم، فهل يُجبر البائعُ على موجَبِ قول المشتري، فعلى وجهين: أحدُهما - أنه يجبر في هذه الصورة، ومعناه أنه ينفذ الردّ عليه وإن لم يقبل، كما ينفذ عليه أصلُ الرد إذا لم يكن عيبٌ حادث، ويستردُّ منه الثمن.
والوجه الثاني - أنه لا يجبر على ما قاله المشتري، وله أن يغرَم أرشَ العيب القديم.
هذا منتهى ما ذكره الأئمة. ولن يحصل شفاء الغليل إلا بما نذكُرُه.