٣١٥٢ - فنقول: تحققنا من كلام الأئمة أن أخذ الأرشِ بالتراضي جائزٌ، وليس كأخذ الأرش إذا تجرد العيبُ القديم، وتمكن من الرّدِّ؛ فإن في جوازِ أخذِه عند التراضي خلاف، وظاهر النصِّ أنه لا يجوز أخذه، وكذلك لا خلاف أن إحباط حقِّ المشتري لا يجوزُ، ولا بد من تمهيد حقِّه إما بجهة الردّ، وضم الأرش، وإما بجهة تقرير العقد، وغرامةِ الأرشِ للعيب. فإذاً المستدرَك وجهان لا غير.
وحاصل ما ذكرهُ الأصحاب من الخلاف في الطرفين، وما تلقَّيتُه من فحوى كلام الأئمة: أنهما إن تراضيا على أرشِ العيب القديم، أو على الردّ وضمّ أرش العيب الحادث، نفذ ما تراضيا عليه.
وإن دعا أحدُهما إلى أحد المسلكين وأباه الثاني، ودَعَا إلى المسلك الآخر، ففي المسألة أوجهٌ: أحدها - أن المتبع في تعيينِ أحدِ المسلكين رأيُ المشتري؛ فإنه ذو الحق.
والثاني - أن المتبع رأي البائع؛ فإنه الغارم من وَجهٍ والمُدخل في ملِكِه، إن شاء لم [يردّ عليه العقد في المسلك الآخر، فليتخير، وليقنع المشتري بأن](١) يحصِّل غرضَه من أحد المسلكين.
والوجه الثالث - وهو مأخوذٌ مما لهج به الفقهاءُ في المسائل، وأثناء الكلام، وهو أن من دعا إلى الردِّ، وضمِّ الأرش، لا يجاب إليه؛ لأن هذا إدخالُ شيءٍ جديدٍ في حكم العقد، لم يكن قبلُ.
وهذا هو المعنيُّ بقول العُلماء: العيب الحادث يمنعُ من الردَّ بالعيب القديم. فأما الرجوع بالأرش، فخارج على مضمون العقد؛ فإن الملك لا يستقرُّ في الثمن على الكمال إلا في مقابلة المبيع السليم، فتقريرُ العقد وإلزامُ الاستدراك بطريقِ غرامةِ الأرش، أقربُ إلى مقتضى العقد.
وهذا القائل يقول: إذا فُرض التراضي على الرد وضمِّ أرشِ العيب الحادث، فسبيله كسبيل الإقالة.
(١) ساقط من الأصل. هذا، ولعل الصواب: " يردّ عليه العبد ".