للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: لا تنقطع الخصومةُ بهذه اليمين، فقد يحدث العيب بعد البيع وقبل القبض، ولو كان كذلك، لثبت الخيارُ للمشتري، فليحلف بالله لقد بعته وأقبضتُه وما به عيب ١).

قلنا: لا شك أن البائع لا يخرج عن عهدة الرد باليمين التي ذكرها الشافعي، ولكن لعلّه صوَّر دعوى المشتري في اقتران العيب بالبيع، وإذا قصَر المشتري دعواه على ذلك، فاليمين تكون على حسب الدعوى، في حكم المضادَّة.

٣١٦٣ - وقرّر الأئمةُ في هذا الفصل أصلاً في صيغ الدعوى والإنكار واليمين، وذلك أنهم قالوا: لا يشترط أن يكون الإنكارُ على مضادّة الدعوى لفظاً ومعنى، بل يكفي مضادّةُ المعنى. هكذا قال الأصحاب.

وهذا اللفظ فيه اختلالٌ. والوجه أن يقال: يكفي أن يكون الإنكار مضاداً لمقصود المدَّعي.

وبيانُ ذلك أن من ادعى ألفاً على رجلٍ من جهة قرضٍ، فيكفي في الإنكار أن يقول المدعَى عليه: لا يلزمني تسليم ما تدّعيه إليك. فهذا يضادُّ مقصودَه. وفيه غرضٌ ظاهرٌ عظيمُ الوقعِ للمنكرين، فقد يكون الإقراضُ جارياً، ولكن برئت ذمَّةُ المقترض بسبب، ولو اعترفَ بالأصلِ وادّعى طريَانَ ذلك السببِ، فيقف موقف المدَّعين، والقول قولُ صاحبِهِ فربما يجترىء ويحلف. وإذا قال: لا يلزمُني: تردّدَ هذا بين نفي الاقتراض، وبين ثبوت البراءة بعد جَريان الاقتراض، فاكتفى الشرعُ بلفظٍ يتضمنُ دفعَ مقصودِ المدعي، ويشمل الغرضَ الذي نبَّهنا عليه، ومضادَّةُ الدعوى في معناها أو مقصُودِها، وسرُّ هذا يأتي في كتاب الدعاوى، إن شاء الله عز وجلّ.

ثم اليمين تقعُ على حسب الإنكارِ. ولو وقع الإنكارُ على مضادَّة صيغَةِ الدعوى لفظاً ومعنى، فقال (٢ المدعي: أقرضتُك. وقال ٢) المدعَى عليه: ما أقرضتني، فلما انتهى الأمرُ إلى اليمين، أراد ردَّ اليمين إلى المقصودِ، وأن يحلف بالله:


(١) ما بين القوسين ساقط من (هـ ٢).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ص).