للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي ذكره، وإن كان فيه وجهٌ من التخييل، فهو بعيدٌ عن فقه الفصلِ؛ فإن غرض المشتري ليس يتعلّق بعلم البائع وجهلهِ؛ فإنَ حقهُ من الرد يتعلق بالعيب إن كان، وينتفي بانتفائهِ، فلا بد من التعرض لنفي موجِب الخيار؛ فإنه لو حلف على نفي العلم، اتجه للمشتري ادّعاءُ الخيار مع الاعتراف بانتفاء علمه.

فإن قيل: فكيف تتجه اليمين؟ وما الوجه فيه؟ قُلنا: إن كان [خَبَرَ] (١) البائعُ العبدَ، فقد يطلع على خفاء أمره، ويجوز اعتمادُ مثلِ هذا في اليمين، بل يجوز إقامةُ الشهادةِ على الإعسار، وأن لا وارثَ غيرُ الحاضرين، وعلى عدالةِ الشهودِ، وانتفاءِ ما يقدحُ فيهم بمثل هذا.

وإن لم يكن خَبَرَ البائعُ العبدَ، واستوى في نظره كونُ العيبِ وعدمُه، فلا يخفى وجه الاحتياط، وطريق التورُّع.

وإن سُئلنا عن جوازِ الحلفِ، فنصُّ الشافعي مصرّحٌ بجواز الحَلفِ ونَصُّه في مسألة العبد المشرقي، والسيد المغربي معروف؛ فإنه قال: لو اشترى مغربيٌّ رُبِّيَ بالمغرب، وهو ابنُ ثلاثين سنة عبداً مشرقياً، ابنَ خمسين سنةً، ثم باعه من يومهِ، ثم فرض (٢) نزاعٌ في قدم عيبٍ وحَدَثِه (٣). قال الشافعي: يحلف المغربي بالله لقد بعتُه، وما به عَيب. فإن قيلَ كيف ينساغُ هذا؟ قلنا: لا وجه له إلا البناءُ على ظاهرِ السلامة، وعلى هذا بُني أصلُ الخيارِ، وإلا فحكمُ قولِ القائل بعتُكَ هذا العبدَ يُنزل (٤) العبد على صفَاتِه سليماً كان أو معيباً، ولكن أقام الشرع لظنّ السلامة حكماً، فإذا تعلق أصل الخيار بظنِّ السلامة [ابتنى] (٥) جوازُ الحلف على ظن السلامة.

ثم قال الشافعي: يحلفُ البائع: بالئه لقد بعته (٦) وما به عيب، (١ فاعترض المزني


(١) في الأصل: خيّر.
(٢) في (ص): عرض.
(٣) في (هـ ٢)، (ص): حدوثه. والمثبت هو ما عليه لغة إمام الحرمين.
(٤) في (هـ ٢)، (ص): تنزيل العبدِ.
(٥) في الأصل: ما ابتنى.
(٦) في (هـ ٢)، (ص): بعته وأقبضته. (وهو مخالف للسياق).