٣١٧٦ - ومما يجب التنبُّه له ولا تتحقق الإحاطة بالمسألة دونه أن المسألة التي نحن فيها لا تتميّز أصلاً عن تفصيل القول في العيوب الحادثةِ إلا على قولنا: إن المشتري يرد المغيَّر المكسورَ من غير أَرْش، فإن لم نسلك هذا المسلكَ، فلا فرقَ؛ فإنا إذا ذكرنا في الكسر خلافاً في المنع من الرد وضَمِّ أرش الحادث من العيب، فقد ذكرنا مثلَه في كل عيبٍ حادثٍ، فلا تنفصل هذه المسألةُ عن غيرها إلا إذا جوَّزنا الردَّ من غير غُرم أرشٍ في مقابلة عيبِ الكسر.
ولو قال قائلٌ: مسألةُ الكسر أولى بأن يحتكم المشتري فيها بالرد، مَعَ غرامةِ الأَرْش، كان هذا فرقاً في ترتيب مسألةٍ على مسألةٍ.
ثم ما أجريناه من أرش عيب الكسر لا خفاء به.
فنقول: كم قيمةُ الجوز صحيحاً فاسد الجوف؟ فيقال مثلاً: مائة. ثم نقول: كم قيمتُه مكسوراً بيِّن الفساد، فيقال: خمسون، فالأرش إذاً خمسون؛ فإن الأرشَ المعتبر للعيب الحادثِ مَحْضُ نقصانِ القيمة، لا حاجةَ فيه إلى تقديرِ نسبةٍ ومقابلةٍ.
وكل ما ذكرناه؛ في الصورة الأولى، وهي إذا كان للجوز مع فساد جوفه قيمةٌ.
٣١٧٧ - فأما الصورة الثانية، وهي إذا قيل: لا قيمةَ للجوز مع فسادِ جوفه في حالة صحَّتهِ، ويظهر تصوير هذا في البيض وقشرهِ، فقد قال طائفةٌ من أئمتنا: إذا تبيّن ذلك، وأراد المشتري الرجوعَ بالأرش، فيرجع بجميع الثمن على البائع وسبيل رجوعهِ بالجميع استدراك الظُلامَة، لا استبانةُ أن البيع لم ينعقد من أصله لكون المبيع غيرَ متقوَّم. وهذا القائل يقول: إذا استرد المشتري الثمنَ استدراكاً للظلامة، فذلك المكسر يبقى على حكم اختصاصه بالمشتري، حتى إن مست الحاجةُ إلى تنقيةِ الطريق، فعلى المشتري تكلّفُ ذلك.
وهذا فاسدٌ؛ فإن الذي لا يتقوَّمُ لا يجوز أن يكون مورداً للبيع. ولا يدرأ هذا الإشكالَ أن يقولَ قائل: يقدّر في الصحيح من الجنس ضربٌ من الانتفاع وإن قَلَّ: مثل أن يُنقَش ويُتخذ منه اللُّعبَ، أو ينثر كدأبِ الناسِ في الجوز، وقد يعبث به الصبيان؛ فإن هذا تشبيبٌ بتقدير قيمة وإن قلت. وإذا كان كذلك، التحق هذا بالصورة الأولى.