للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد لاح الغرض، ولم يبق استكمالٌ فقهي.

والذي ذكرناه من الفرقِ بين العلف وكراء البيت إشكالٌ يؤول إلى مقتضى لفظٍ.

ومؤنةُ السائس فيها تردُّدٌ عندي، والأظهر إلحاقُها بالعلف، ولها شبهٌ بكراء البيت؛ فإن السياسةَ تؤثر في الحفظ أثرَ البيت [ولها] (١) اتصالٌ بالعلف؛ من جهة أن السائسَ، هو الذي يرتِّب العلف والسقي في مظانهما.

فرع:

٣٢١٣ - إذا اشترى شيئاً بعشرةٍ، وباعه بخمسةَ عشرَ، ثم اشتراه بعشرةٍ، ثم أراد أن يبيعه مرابحةً، فإن عقدَ العقدَ بقولهِ: بعت بما اشتريتُ، فالاعتبارُ بثمنِ العقدِ الأخير، بلا خلافٍ على المذهب؛ فإنَّ قوله " بما اشتريتُ " لا يُحمل على العقود السابقة، وإنما يُحمل على العقدِ الذي يلي المرابحةَ.

ولو أرادَ العقدَ بقوله: بما قامَت عليَّ، فهل يُحسب [ما] (٢) استفاد قبل هذا العقدِ من ربحٍ؟ حتى يُقالَ: لما [اشترى] (٣) أول مرة بعَشرةٍ، ثم باع بخمسةَ عشرَ؛ فقد استفاد خمسةً، فإذا اشترى بعشرةٍ، فالسلعةُ قامت عليه بخمسة؟

اختلف أصحابنا في المسألةِ، فذهب ابن سُريجٍ إلى أنه إذا أراد العقدَ بصيغةِ القيام، فلا ينبغي أن يذكر إلا خمسةً. وهذا مذهبُ أبي حنيفة (٤)، ووَجهُه أن أهل العُرفِ يقولون في مثل هذه الصورة: هذه السلعةُ قائمةٌ على فلانٍ بالخمسة.

والأصح أنه يعتبر بثمن العقد الأخير، وهو العشرة، ولا التفات إلى ما تقدَّمَ من عقدٍ، واستفادةِ ربح، وإنما تبتني (٥) المرابحةُ على العقد الذي يليها، فإن عُقدت بصيغة القيام، فالمرادُ قيامُ السلعةِ بما بُذلَ في العقد الأخير. فأما الالتفاتُ على العقود السابقةِ، فمقتضاه تنزيلُ المرابحة على عقودٍ قبلَها. وهذا لا سبيل إليه.

ولو اشترى سلعةً بعشرةٍ، وباعها بخمسةٍ، ثم اشتراهَا بعشَرةٍ، فليس له أن يحسبَ


(١) في الأصل: ولهذا.
(٢) في الأصل: بما.
(٣) في الأصل: اشتريت.
(٤) ر. المبسوط: ١٣/ ٨٢، بدائع الصنائع: ٥/ ٢٢٤.
(٥) في (ص): ينشىء.