للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ففي الحَط أولاً قولان كالقولين في الخيانَةِ، ولا فرق. فإن حَططنا، ففي ثبوتِ الخيارِ للمشتري قولان مرتبان على القولين في نظير ذلك في الخيانة. وهذه الصورة -يعني صورةَ الغلط- أولى بألا يثبتَ الخيار فيها.

وكيفيّةُ الترتيب أنا إن لم نثبت الخيارَ في الخيانةِ بعد الحط، فلأن لا يثبتَ في صورةِ الغلطِ أولى. وإن قُلنا: يثبتُ الخيارُ بالخيانةِ، ففي صورةِ الغَلط قولان مبنيان على المعنيين؛ فإن ربطنا الخيارَ في الخيانة بزوال الأمن وتوقُّعِ مثلِ ما وقعَ، فلا خيار في الغلط. وإن ربطنا الخيار ثَمَّ بالأغراض التي ذكرناها، فهذا يتحقق في الغَلط أيضاً.

ولا نص للشافعي في صورة الخيانة، فإنه فرضَ كلامَه في الخطأ، ونصَّ على القولين [في الحط] (١). ثم ذكر النقَلةُ عنه قولين في ثبوت الخيار للمُشتري، فروى حرملَةُ أن الخيار لا يثبت. ورَوى المزني ثبوت الخيار، فذكر الأصحاب وجهين في الخيانة لمَّا لم يجدوا في تلك الصورةِ نصوص صاحب المذهب، واعتقدوا أن صورةَ الخيانة أولى بالخيار.

فإن قيل: كما يتوقع خيانةٌ بعد الخيانة الأولى، فكذلك يُتوقَّع غلطٌ بعد ظهور الغلط الأوّل، فما وجه البناء على المعنيين؟ قلنا: لا سواء، فالخيانةُ إذا ظهرت حطَّت الثقةَ، وسلبت الأمنَ، والغلط لا يُثبت مزيداً في توقع الغلط مرةً أخرى، بل توقُّعُه ثانياً على حسب توقعه أول مرَّة، وتوقُّع الخطأ أوّلَ مرةِ لا يُثبت الخيارَ.

وكلُّ ما ذكرناه فيه إذا فُرض كون الثمنِ المذكورِ في عقد المرابحة أقل مما كان في العقد الذي عليه البناءُ.

٣٢٢٠ - فأما إذا قال البائع: قد غلطتُ إذ ذكرتُ المائةَ؛ فإني كنتُ اشتريتُ السلعةَ بمائةٍ وخمسين، فإن صدَّقه المشتري في ذلك، وثبت الغَلطُ بتوافُقِهما، فالذي ذكرهُ الجمهور من (٢) الأصحاب أنا نتبيّنُ فسخَ العقد من أصله. قالوا: وهذا يخالف بيانَ


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في (ص): من فقهاء الأصحاب.