للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغلط بالزيادة في الصورة المقدّمَة؛ فإن المذهب في تلك الصورة صحّةُ العقد، ولم يصر إلى فساده أحدٌ إلا صاحبُ التقريب؛ فإنه حكى قولاً غريبا كما مضى.

وكان شيخي يُنزل الغلطَ بالزيادةِ منزلةَ الغلط بالنقصان ويقول: [كما] (١) أنَّ المائةَ ليست عبارةً عن تسعين، فليست عبارةً عن مائةٍ وخمسين، فإن كان التعويل على المسمَّى، فليصح في الموضعين. وإن كان التعويلُ على ما وقع عليه العقدُ الأول، فلا فرقَ بين الزيادة والنقصان.

وهذا قياسٌ متَّجهٌ. ولكن الذي ذكرهُ الأصحاب واتفق النقل فيهِ ما قدّمته.

والذي يمكن أن يقال في الفرق: أن الحطَّ من الثمن قد يُستَحق في بعض العقود إذا حُط الأرش، ولا يُتصوّرُ استحقاق زيادةٍ ملتحقةٍ بالعقدِ لم يجر لها ذكرٌ. نعم قد تفسد الأعواض في العقود التي لا تفسد بفساد أعواضها، فنحيدُ عن المسمّى رأساً، ونُثبتُ مهرَ المثل، وقيمةَ المثل. ثم [قد] (٢) يتفق ذلك زائداً أو ناقصاً.

وهذا فيه إذا اتفقا على الغلط بالنقصان.

٣٢٢١ - فأما إذا لم يعترف المشتري بما ادّعاه البائع، فقال البائع: قد كنت اشتريتُ بمائةٍ وخمسين، وغلطت بذكر المائة، فلا يُرجع إلى قول (٣) البائع. ولو أراد إقامَةَ البيّنةِ، لم تُسمَع بينتُه؛ فإن سماعَ البينةِ يترتبُ على صحة الدعوى. وقد ذكرنا أن دعواه مناقضةٌ لدعواه، فلا سبيل إلى تصحيحها. وإذا لم تصح، فسماع البينةِ يترتَّبُ على سماع الدعوى. فلو قال للمشتري: أنت تعلمُ أني غلطتُ، ونقصتُ الثمن، فاحلف أنك لا تعلم، فهل يحلف [المشتري] (٤) إذا استدعى ذلك البائعُ؟

ذكر صاحب التقريب وغيره وجهين مبنيّين على أصلٍ مشهورٍ في الدعاوى، وهو أن يمين الردِّ بمنزلةِ إقرار المدعى عليه، أو تنزل منزلةَ البيّنة المقامة. وفيه قولان مأخوذان من معاني كلام الشافعي سيأتي ذكرُهما في كتاب الدعاوى.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في (هـ ٢)، (ص): قوله.
(٤) مزيدة من (هـ ٢)، (ص).