للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العتاقة. وليست الكتابة كذلك؛ فإن العتق لا يتأكد فيها إلا بعد وقوع العتق.

فإن قيل: أي معنىً للتحالف (١) في القِراض، وهو عقد جائز في (٢) الجانبين يتمكن كل واحدٍ من المتعاقدَيْن من فسخه؟ قلنا: هذا غفلةٌ عن مقصود الباب؛ فإن التحالف لم يوضع في الباب للفسخ، ولكن الأَيْمان تُعرض على رجاء أن ينكفّ عنها الكاذب، ويستقل العقد بيمين الصادق. والتفاسخ أمرٌ ضروري رآه الشرع بعد جريان التحالف.

ولا شك في جريان التحالف في الكتابة، وإن كانت جائزة من جهةِ المكاتَب.

٣٢٥٩ - ونقل بعض من يوثق به عن القاضِي أن التحالف في البيع لا يجري في زمان الخيارِ ومكانه؛ لأن كل واحدٍ منهما في الفسخ بالخيار، فلا حاجة بهما إلى التحالف في ثبوت الفسخ.

وهذا غير سديدٍ؛ [لما] (٣) ذكرته من أن التحالف ليس موضوعاً للتفاسخ. وقد صرح القاضي بثبوت التحالف في القراض مع جوازه، ونصَّ الشافعي في الكتابة على التحالف، مع جواز العقد في جانب المكاتَب.

والذي يتأتى به توجيه كلام القاضي أن توجيه الطلب مع الجواز بعيدٌ، فلو طولب باليمين، وما فيه اليمينُ في أصله ليس [بلازمٍ] (٤)، لكان بعيداً. ولو جاز هذا، لجاز أن يقال: يطالب المشتري بالثمن في زمان الخيارِ، ويُحبس فيه، ويقال له: إن أردت الخلاص، فافسخ، وهذا لا قائل به. ويلزم على مساق كلام القاضي أن يقال: من ادعى على إنسانٍ بيعاً بشرط الخيارِ له، فلا يتوجه اليمينُ على المدعَى عليه توجُّهاً محققاً. ولا يلزم على هذا مطالبةُ السيّد مكاتَبَه بالنجم؛ فإنه يستفيد به فسخَ عقدِ الكتابة إذا امتنع المكاتَب، فعاقبةُ مطالبته رفعُ حقٌ واجبٍ.


(١) في (هـ ٢)، (ص): في التحالف.
(٢) في (هـ ٢)، (ص): من.
(٣) في الأصل: بما.
(٤) ساقطة من الأصل.