للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول أولاً: إذا بدأنا بتحليف أحدهما، فلا نجمع في حقّهِ بين يمينين في العرض الأول، ولكنا نعرض على المبدوء به يمينَ النفي، ثم ننظر إلى ما يُفضي إليه الحال، فنقول للبائع: احلف بالله ما بعت بالألف، فإن حلف، عدنا إلى المشتري. والسبب فيهِ أن المحذورَ في هذا القول التحليفُ على الإثبات، قبل تبيّن النكول من الخصم عن يمين النفي. فإذا حلفَ من بدأنا به [أولاً] (١) على النفي، عرضنا اليمينَ على صاحبهِ.

وكانت اليمينُ المعروضةُ على النفي أيضاً. ثم ننظر فإن حلف المشتري على النفي أيضاً، فهذا [مبتدأ اختباط] (٢) الطرق.

ونحن نبدأ بما كان يذكرُه شيخنا في دروسهِ، ونستتمّها، ثم نذكر ما ذكره بعضُ الأصحاب، ثم نحكم بما يحضرنا في التصحيح والتزييف.

قالَ شيخي: إذا حلف الأولُ على النفي، وحلف الثاني على النفي أيضاً، فقد تحالفا؛ فإنَّ يمينيهما تناقضا في المقصود، وليس أحدُهما أولى بالتصديق، فنكتفي بما جرى، ونقضي بالانفساخ، أو يَنْشَأُ الفسخ.

وإن حلف الأول يمين النفي، فعرضنا اليمينَ على الثاني، فنكل، ردَدنا اليمين إلى الأول الحالف، فإن حلف على الإثبات، قضَيْنا له بمُوجَب يمينهِ، وقطعنا الخصومةَ على هذا المقتضى. وقد حلفَ هذا البادىء أولاً وآخراً يمينين، أولاهما على النفي، والثانيةُ على الإثبات.

وإن عرضنا اليمين على الأول، فنكل، نعرض اليمين على الثاني، ونكتفي بيمينٍ واحدةٍ تجمع النفي والإثباتَ، ونقضي له بموجَب يمينه.

فخرج مما ذكرناه أنهما لو حلفا على النفي، كان ذلك كافياً، ولا نعرِض بعده يمين الإثبات.

وإن حلف الأول ونكل الثاني، رددنا اليمين على الحالِف أولاً، فيحلف على الإثبات المجرد؛ فإنه قد حلف على النفي من قبل، ولا يجتمع يمينانِ في حق أحدهما


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) في الأصل: مسمى احتياط، (ص): منتهى اختباط. والمثبت من (هـ ٢).