للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا على بعده أمثل مما ذكرناه.

التفريع:

٣٢٧٤ - إن حكمنا بأن الفسخَ يُنشأ، فقد اختلف أصحابنا فيمن يتولاه: فمنهم من قال: يتولاه الحاكم أو من يفوِّض الحاكمُ إليه.

ومنهم من قال: يتولاه المتعاقدان. وهذا الوجه الأخيرُ أفقهُ؛ فإن التحالف تحقق جريانه، وهو المعتبر في إثبات حق الفسخ، ولا يبقى بعد جَريانه مضطرَبٌ لنظر الحاكم، فتعليق الفسخ [بإنشائه] (١) بعيدٌ في المعنى، وإن كان مشهوراً في الحكاية.

ثم حكى أئمتُنا أن البائع إذا كان يفسخ البيعَ بسبب إفلاس المشتري بالثمن ووجود (٢) عين المبيع، فهو الذي يفسخ. قطعوا بهذا. وهذا حسن. وإفلاس المشتري إن كان مجتهداً فيه، فالحجر مطَّرِد عليه والتعذر متحقق. وإن لم نتحقق في علم الله الفَلَس.

وقال بعض الأصحاب: القاضي هو الذي يفسخ النكاح عند تحقق العُنَّة وجهاً واحداً، والزوجة تتعاطى الفسخ بالإعسارِ بالنفقة. ولستُ أرى بين العُنَّةِ والإعسار فرقاً؛ فإن الأمرين جميعاً متعلقان بالاجتهادِ، فليخرَّج الأمرُ فيهما على التردد الذي ذكرناه في التحالُفِ، والقياس في الجميع أن الفسخ لا يتوقف على إنشاءِ القاضي.

نعم، لا بد من حكمه بثبوت العُنّة والإعسار. ولا حاجةَ إلى حكمه بعد التحالف.

وأما فسخ البائع بسبب الفلسِ، ففيهِ مزيدُ (٣) نظَرٍ، سنذكرهُ في كتاب الحجر، إن شاء الله عز وجل.

٣٢٧٥ - ثم إذا ثبت ما ذكرناه في الفسخ والانفساخ، فالقول بعده في الظاهرِ والباطنِ. فإن حكمنا بالانفساخ، نفذ ذلك ظاهراً وباطناً عُقيبَ التحالف، ولا حاجةَ في هذا القولِ إلى عرض الأمر على المتعاقدَيْن بعد التحالُف.

وإن قُلنا بفسخ العقد، وهو المذهب، فالفسخ ينفذ ظاهراً وباطناً أم ينفذ ظاهراً


(١) في الأصل: ما تشابه.
(٢) في الأصل: ووجوده.
(٣) ساقطة من (هـ ٢).