٣٢٧٣ - إذا جرى التحالف على الوصف الذي ذكرناه، فالقول بعده فيما يصير العقد إليه.
فظاهر نص الشافعي أن العقد لا ينفسخ، ولكن يُنشأ فسخه، ووجه ذلك بيّن؛ فإنه لا يتحقق بالتحالف إلا تعَدُّرُ إمضاءِ العقد، لو أصرّا على اختلافهما. ولا بأس من أن يصدّق أحدُهما الثاني، فلا معنى للحكم بالانفساخ. ولكنا نقول لكل واحد منهما: إما أن توافق صاحبك وتصدُقَ إن كنتَ الكاذب. وإما أن تفسخ العقد.
وذكر بعض أصحابنا قولاً اَخر مخرّجاً: أن العقدَ ينفسخ. وهذا القول منسوبٌ إلى أبي بكرٍ الفارسي، وفقهُه عندي أن العقد إذا انتهى إلى التنازع في المعقود عليه، فنجعل كأن العقدَ فُرض إنشاؤه مع الاختلاف في المعقود عليه، ولو كان الأمر كذلك لما انعقد العقد. فإن أفضى الأمر إلى هذا وتأكد بالأيمان، قدَّرنا كأن صيغةَ العقد كانت على الاختلافِ، وصيغةُ هذا المذهب المنسوب إلى الفارسي تُشعر بأنّا نتبيّن أن لا عقد استناداً.
وهذا ضعيفٌ.
ولا خِلافَ أن الزوائد التي حدثت بعد العقدِ وقبل التحالف مقررةٌ على المشتري، وكذلك لا خلاف أن المشتري لو كان تصرف تصرفاً مزيلاً للملك، ثم فرض الاختلاف من بعدُ، فلا نتبيَّن فساد العقد وارتفاعَه.
وذكر الشيخ أبو علي في تفريع مذهب الفارسيّ أنا نتبين فسادَ التصرّفات التي جَرت قبل التحالف. وهذا وفاءٌ بحق التبيُّن والإسناد، ومَصيرٌ إلى أن نجعل كأَنَّ العقد لم يَجْرِ، وهذا يتضمن ارتدادَ الزوائد إلى البائع لا محالةَ. هكذا ذكر الشيخ أبو علي.
ولو قيل: التحالف يوجب الانفساخَ، لأمكن تقريرُ وجهٍ فيه، من غير ردَّ الأمر إلى تقدير وقوع العقد كذلك؛ فإنَّ استحقاق إنشاء الفسخ إن نيط بالتحالُفِ، فغيرُ بدع أن تناط به عين الانفساخ.