للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن قال: يجبر البائعُ على البداية بالتسليم، احتجَّ بأن تصرّفَ البائع نافذٌ في الثمن، وتصرفَ المشترِي غيرُ نافذٍ في المبيع قبل القبض، فينبغي أن يملكَ المشتري إجبار البائع على تمكينه من التصرف، وإنما يحصل هذا بتسليم المبيع.

ومن قال بإجبار المشتري على البدايةِ، احتج بأن حقَّ المشتري متعيّن، وحق البائع مطلقٌ في الذمَّة، حتى كأنّهُ وعدٌ يجب الوفاء به، فله أن يجبر المشتري على تعيين حقَه. وقد يستدلُّ هذا القائلُ بأن الثمن في البيع على مضاهاة رأس المالِ في السلم. ثم يجبُ تقديم رأس المال.

وفيما قدمناه مقنع.

والأقوالُ الأربعةُ إنما تطّرد إذا كان المبيع عيناً، والثمن دَيناً.

فأما إذا باع عبداً بجاريةٍ، فالعوضان في شقي العقد عينان، ولا يجري في هذه الصورةِ إلا قولان: أحدهما - أنهما يُجبران. والثاني - أنهما لا يجبران.

وإذا كان التنازعُ في الصداق وتسليمهِ، وتسليمِ المرأةِ نفسَها، فلا يخرج إلا ثلاثة أقوالٍ: أحدها - أن الزوجَ يجبر على البداية. وهذا إذا رأينا إجبار المشتري على البداية.

والقول الثاني - أنهما يجبران معاً.

والثالث - أنهما لا يجبران، بل من بدأ بتسليم ما عليهِ أجبر صاحبه على تسليم مقابله من ساعته.

ولا يخرّج هاهنا قولٌ في إجبار المرأةِ على البداية؛ فإنها لو سلّمت نفسَها، لفاتَ الأمرُ في جانبها، وتلف منافعُ بُضعها على وجهٍ لا يتوقع لها مستدرك.

فهذا تأسيس الطرق (١) وتوجيه الأقوال.

والآن نفرعّ عليها، ونستعين الله.

٣٢٨٩ - أما قولنا إنهما يجبران [معاً] (٢)، فمعناه أنهما محمولان على أن يأتيا


(١) في (هـ ٢): الأقوال.
(٢) ساقطة من الأصل.