للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نجز الفصلُ بما فيهِ.

فرع:

٣٢٩٣ - إذا سلّم البائع المبيعَ، فامتنع المشتري عن تسلمه وقبضه، فقد ذكرنا في الفصل السابق ما يليق بأصل المذهب.

وقد ذكر صاحب التقريب في جواب ذلك وجوهاً، لم أر ذكرَها في قانون المذهب (١)، فرسمتُ فرعاً حتى أستوفي ما ذكره.

قال: إذا امتنع المشتري عن القبض، فالوجه إجباره، فإن لم يقبضه، قبضه القاضي عنه، أو أناب نائباً ليقبض عنه، وذكرَ وجهاً غريباً أن القاضي يبرئه من ضمان المبيع فتصير يدُه يدَ أمانةٍ؛ حتى لو تلفَ في يده، لم ينفسخ البيعُ بتلفه، وكان من ضمان المشتري.

وهذا بعيدٌ جداً، وهو في التحقيق تغييرُ وضع الشرع في قطع الضمان، لا بالطريق الشرعي. هذا إذا وجدنا قاضياً.

فأما إذا لم نجد قاضياً، وامتنع المشتري عن القبض، فالوجه القطع بأن المبيع يبقى في ضمان البائع، ويأثم المشتري بإدامةِ الضمان عليه، بسبب الامتناع عن القبض.

قال صاحب التقريب: قال بعض أصحابنا: إن البائعَ يقبض بنفسه عن نفسه للضّرورة الداعية إليه.

وهذا كما أنا نقول: إذا ظفر بغير جنس حقِّه، أو بجنسه، وقد تعذَّر عليه استيفاء حقِّه من المستحَق عليه طوعاً، يأخذ ويكون قبضاً منه بحق نفسه، فهو القابض والمقبض، فكذلك البائع يقبض للمشتري، فيكون قابضاً مقبضاً.

وهذا بعيد جداً. وإذا كان على إنسان دين، فجاء به، فامتنع مستحِقُّه من قبضه، ففي المسألة قولان مشهوران. فإن قلنا: لا يجبر مستحِق الحق على قبضه، فالقاضي لا يبرئه عن أصل الدَّيْن، وليس الإبراء عن أصل الديْن بمثابة الإبراء عن ضمان العين؛ فإن إسقاطَ أصل الحق لا وجه له. ولو صحَّ ما ذكره صاحب التقريب من تقديره قابضاً


(١) (ص): الملك.