للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينقُد الثمنَ من ساعته، كما مضى. وإن قلنا: البداية على المشتري، فلا يطالبه بالقيمة، ما لم ينقد الثمن.

ولو سلَّم المشتري الثمنَ، والمبيعُ عبدٌ فأبِق العبدُ من يد البائع، ولم يتمكن من تسليمه، فالإباق يُثبت للمشتري حقَّ الخيارِ في فسخ البيع لا محالة. ولو لم يرد الفسخَ، وأبق العبدُ وما كان وفّر الثمن، فلا يلزمه توفيرُ الثمن.

وإن فرعنا على أن البدايةَ تجب على المشتري، فإذا وفّر الثمنَ، ثم أبق العبدُ، فهل يستردُّ الثمنَ بناءً على أنه كان لا يجب عليه التوفير بعد الإباق، فطريان الإباق هل يثبت حق الاسترداد؟

نقل القاضِي عن القفَّال أنه لا يملك استرداد الثمن. فإن أراد استرداده، فليفسخ العقدَ. وهذا محتمل. والأظهرُ ما ذكره القفال؛ فإن الاسترداد بالفسخ إذا أمكن، فهو أولى. وهذا كما أنا لا نُثبت للمشتري الرجوعَ بأرش العيب القديم مع القدرة على الرَّدِّ وفسخ العقد.

فصل

قال: " ولا أحب مبايعةَ مَن أكثرُ ماله حرام ... إلى آخره " (١).

٣٢٩٦ - لا يخفى حكمُ اليقين في الحل والحرمة، وإنما الكلام فيه إذا أشكل الأمرُ، وكان من يعامله المرءُ ممن يظن أنه لا يتحفظ، وقد يغلب ذلك بناء على معاملاته، مع قلّة التحفظ فيها.

أمّا الورع، فلا يخفى على من يُوفّق له، قال النبي عليه السلام: " الحلال بيَّن والحرام بين، وبينهُما أمور متشابهات فمن توقَّاهن، فقد استبرأ لدينه وعرضه "،

وفي روايةٍ: " فمن يدع ما تشابه عليه برىء له دينه، ألا إن لكل ملكٍ حمى، وحمى الله محارمُه فمن رتَع حول الحمى يوشك أن يقعَ فيهِ " (٢)، وقال عليه السلام:


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢٠٣.
(٢) حديث: " الحلال بين ". متفق عليه من حديث النعمان بن بشير. مع اختلاف يسير في اللفظ =