للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا في نهاية الغثاثة، ولولا اشتهار [هذا] (١) الوجه في الطرق، لما حكيته.

٣٣٠١ - ومما يجب الاعتناءُ به أنا إذا جعلنا العتق لله تعالى، فإذا حققه المشتري، فلا شك أن الولاءَ له؛ فإن العتق صدرَ في ملكه، والأصل أن ولاءَ العتاقة لمن يقع العتق في ملكه.

وإن قلنا: العتق للبائع، فالولاء للمشتري، قطع به صاحب التقريب، وشيخي، والأئمةُ، والسبب فيه أن الولاءَ لو (٢) كان للبائع، لاقتضى ذلك تقديرَ انقلاب الملك إليه، ونفوذَ العتق على ملكه؛ هذا لابد منه، ولو كان كذلك، لتجردَ الثمنُ عن مقابِلٍ في عقد المقابلة؛ وهذا محالٌ.

فلو شرط البائع العتقَ، وشرط لنفسه الولاء، ففي فساد العقد قولان: أحدهما - أنه يفسد (٣)؛ لأن مقتضاهُ ردَّ الملك في الرقبة إلى بائعها، مع دوام استحقاقه في الثمن.

والقولُ الثاني - أن البيع لا يفسد؛ لقصة بريرة لما جاءت إلى عائشةَ تستعين بها على أداء شيء من النجوم، فقالت: لو باعوكِ، لصببت لهم ثمنَك صبّاً، فأخبرت ساداتِها، قالوا: لا نفعل ذلك إلا بشرط أن يكون ولاؤك لنا، فأخبرت عائشةَ ما قالوه، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " اشتري واشترطي لهم الولاء، ثم قام خطيباً، وقال: ما بال أقوامٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ... الحديث " (٤)، ووجه الدليل أن النبي عليه السلام إذ أمرها بأن تشتري وتشترط، فقد كان الشراء على هذه الصفةِ مأذوناً فيه من جهة الشارع، والمأذون فيه صحيح.

فإن قيل: ما معنى قوله في خطبته؟ وما وجه إنكارِه؟ قلنا: الممكن فيه أنه نهى


(١) زيادة من المحقق اقتضاها السياق.
(٢) عبارة ص: "أن الولاء كان للبائع، فافتضى ذلك .. ".
(٣) في الأصل: لا يفسد.
(٤) حديث بريرة متفق عليه: البخاري: كتاب البيوع، باب البيع والشراء مع النساء، ح ٢١٥٥، وباب إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل، ح ٢١٦٨، ومسلم: كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، ح ١٥٠٤.