للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الإقدام على أمثال هذه الشرائط، واستحث على اتباع الكتاب والسنة. ولِمَا جرى حُكْمٌ بصحته؟ فإنه عليه السلام مبرأٌ عن التناقض، والأمرِ سرّاً في معرض التقرير، مع النهي عنه جهراً.

فإن قلنا: البيع فاسدٌ، فلا كلام. وإن حكمنا بصحة البيع، ففي الولاء المشروط نظر: ذهب بعضُ الأصحابِ إلى أن الوجهَ فيه إلغاءُ الشرط وتصحيحُ العقد. وهذا فاسد مع أمر النبي عليه السلام بالاشتراط، إذ قال: " اشتري واشترطي لهم الولاء " ومتعلق القول بصحة العقد قصةُ بريرة، فلا ينبغي أن يُعتبَرَ (١) أصلُها ويعطّلَ تفصيلُ القول فيها؛ فإذاً الوجهُ تصحيحُ الشرطِ إذا صححنا العقدَ؛ تعلّقاً بقصَّة بريرة. ويلزمُ من هذا أن يكون الولاءُ للبائع على حسب الشرط.

فإن قيل: يلزم منه انقلابُ الملك إليه.

قلنا: لا وجه في هذا المنتهى [إلا] (٢) إثباتُ الولاء للبائع من غير تقدير نقلِ الملك، وقد ثبت الولاءُ بأسبابٍ، من غير تقدم ملك فيمن عليه الولاء، على ما سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى. فمن أمثلة ذلك أن السيد إذا باع عبده من نفسه بمالٍ، فإذا اشترى نفسَه عَتَق، وسبيل العتق أنه ملك نفسَه، فاستحال أن يكون مملوكاً لنفسه ومالكاً. ثم إذا حصل العتق، فالولاء للسيّد.

وفي مأخذ الولاءِ على الجملة تعقيداتٌ لا يستقل هذا الفصل ببيانها.

فإن قلنا: إن الولاء للمشتري، فلا كلامَ. وإن قلنا: إنه للبائع، فلا نقدّرُ انقلابَ الملك إليه قطعاً؛ فإنّ الحكم بتقرير البيع على حقيقة المعاوضة يناقض الحكمَ بانقلاب الملكِ إلى البائع. وسببُ انفساخ البيع بتلفِ المبيع قبلَ القبض أن الملك ينقلبُ إلى البائع قبيل التلف، فامتنع مع هذا إمكان بقاء العقد.

فرع:

٣٣٠٢ - إذا صححنا العقدَ عند شرط العتق على الأصح، فلو تلف هذا العبدُ الذي اشتراه في يدِ المشتري بهذا الشرط قبل الوفاء، فقد تعذر المشروط الذي صار مستحقاً.


(١) عبارة (ص): أن تغيير أصلها أو يعطل تفصيل القول.
(٢) في الأصل: إلى.