الإجارةُ في مسألتنا، ففي فساد البيع قولان ملحقانِ بالقولين في صفقةٍ تشتمل على شيئين، وتفسدُ في أحدهما، هل يُقضى بفسادها في الثاني؟ كالجمع بين عبدٍ مملوكٍ وعبدٍ مغصوبٍ؟
هذا تفصيل القول فيه إذا قال: اشتريت هذا الزرعَ، واستأجرتك على حصَادهِ.
فأما إذا قال: اشتريتُ منك هذا الزرعَ بدينارٍ على أن تحصده، فقد اختلف أصحابنا أولاً في قوله على أن تحصدَه، فمنهم من قال: هذا شرط عقدٍ في عقد؛ فتفسدُ الصفقةُ من أصلها، ولا يكون من فروع تفريق الصفقة. ومنهم من قال: قوله على أن تحصده وإن (١) كان على صيغة الشرط، فالملتمَس والمقصودُ من اللفظ تحصيلُ الزرع ومنفعةُ الحاصدِ بدينارٍ، فيكون كما لو قال: اشتريت الزرعَ واستأجرتُك بدينارٍ.
وقد فصلنا هذا على ما ينبغي. والألفاظ تُعنَى لمعانيها.
٣٣٠٩ - ولو قال: اشتريتُ منك هذا الزرعَ بدينارٍ، واستأجرتُكَ على حصاده بدرهم، فقد فصل الإجارةَ عن البيع، وذكر لكل واحد من المقصودين عوضاً.
أما الإجارةُ ففي فسادِها وصحتها ما تقدَّم. وأما بيع الزرع، فصحيح قولاً واحداً، ولا يلتحق هذا بتفريق الصفقة؛ فإن التفريق إنما يجري إذا اتحد العوضُ، وجَمَعت الصفقةُ مقصودَين مختلفين. وسبب الاختلاف ما تقدم من مسيس الحاجةِ إلى توزيعِ العوض عند اختلاف المقصودَين فسخاً وإبقاءً.
ولو قال: اشتريتُ منك هذا الزرعَ بدينارٍ على أن تحصده بدرهمٍ، فبيع الزرع باطل، قولاً واحداً؛ فإنه لما أفرد الإجارةَ بعوضٍ، جعلها عقداً على حيالها، وشرطها في عقد البيع؛ فكان هذا تصريحاً بشرط عقدٍ في عقد.
٣٣١٠ - وجميعُ مقاصدِ الفصل تأتي في تفصيل هذه المسألةِ الواحدةِ. ولكنا نذكر أخرى للتوطئة والتمهيد.