للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قال: اشتريت منك هذا الصَّرْم (١)، واستأجرتُك لخصفه على هذا الخف، فهذا يناظر ما لو قال: اشتريت منك هذا الزرع واستأجرتُك لحصاده. وإن قال: اشتريت منك هذا الصَّرْم بدرهمٍ على أن تخصفه على هذا الخف، فهو كما لو قال: اشتريت منك هذا الزرعَ على أن تحصده.

والجملة في نظائر هذه المسائل أنه يجري فيها إجارةٌ يقع شقُّها قبل الملك، ويجري فيها إقامةُ لفظ الشرط مقام الاستئجار، ويجري فيها قواعدُ تفريق الصفقة، ويجري أيضاً شرطُ عقدٍ في عقدٍ، على وفاق وعلى خلاف.

فلا يُشكِل بعد هذا الترتيب هذا الفنُّ على الفطن.

فصل

قال: " ولو قال: بعني هذه الصُّبرة كل إردبّ بدرهم ... إلى آخره " (٢).

٣٣١١ - الإردب مكيال من مكاييل مِصرَ، واللفظ من لغة أهله، وقيل: إنه يسع أربعة وعشرين صاعاً، والقفيز عندهم على النصف من الإردب.

فإذا أشار الرجل إلى صبرةٍ معلومةِ الصّيعانِ أو مجهولةِ الصيعان، وقال: بعتك هذه الصُّبرةَ، كل صاع بدرهم. فالبيع صحيح، سواء كانت الصّبرةُ معلومةَ الصيعان، أو مجهولةَ الصيعان.

فإن قيل: كيف قطعتم بصحة العقد، ولو سئل المتعاقِدان على مبلغ الثمن، لم يُعربا عنه، ولم يعرفاه، وهلَاّ نزلتم هذا منزلة ما لو قال الرجل: بعتك داري هذه بما باع فلان عبده؟ قلنا: الصُّبرةُ مرتبطة بالعِيان، وهو أعلى جهات الإعلام، والثمن مرتبط بها، فالثمن إذن معلوم من نفس مقتضى العقد؛ من جهة إعلام المبيع. وليس ذلك كربط الإعلام بشيءٍ لا تعلّق له بالعقد. والكلام الظاهر فيه أن من اشترى ملء بيت من الحنطة على نسبة معلومةٍ من الثمن، فهو في العرف ليس مغروراً، والرجوع في


(١) الصَّرْمُ: الجلد. والخصف في النعال، كالترقيع في الثياب. (المعجم).
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢٠٣.