للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طريق الإعلام إلى العرف. وإذا قال: بعتُك بما باع به فلانٌ، فهو على غررٍ منه، وبين حالتين في القلّة والكثرة تسوءه إحداهما وتسرّه أخرى.

٣٣١٢ - ثم صور الشافعي صيغاً في العقد والاستثناءات، ونحن نتبع مسائله.

فمما ذكره أنه لو قال: بعني هذه الصُّبرةَ كل صاع بدرهم، على أن تزيدَني صاعاً، فأجابه صاحبُ الصُّبرة على حسب لفظه. فقوله على أن تزيدني لفظٌ فيه تردد، فإن زعم الشارطُ أنه أراد بقوله على أن تزيدني أن يهب منه صاعاً من غير هذه الصبرة، فهذا شرطُ هبةٍ في البيع، وهو مفسد للعقد لا محالة.

وإن قال عَنَيْت بقولي: " على أن تزيدني صاعاً " أن يعتبر صيعانَ الصبرة بالدراهم، وُيعري عن هذا الحساب صاعاً واحداً، ولم يقصد أن يكون ذلك الصاع موهوباً، ولكن رام إدراج جميع الصُّبرة في العقد، على الحساب الذي قدره (١).

فالذي ذكره الأصحاب في ذلك أن صيعان الصُّبرة إن كانت معلومة، فالبيع صحيح، والتقديرُ فيه أن الصبرةَ إذا كانت عشرة آصُع مثلاً، وعلم المتعاقدان ذلك، فيرجع حاصل ما ذكره المشتري إلى بيع الصبرة كل صاع وتُسعٍ بدرهم. ولو صرح بهذا، صح. فإذا عناه بلفظه، وهو محتمل، صح.

وذكر صاحب التقريب وجهاً، ومال إليه: أن البيع لا يصح في هذه الصبرة؛ فإن ما ذكره من المعنى وهو بيع الصاعِ والتسع بالدرهم وإن كان صحيحاً، فالعبارةُ لا تنبىء عنه إلا على بُعدٍ في المحمل، يضاهي محامل اللُّغز، وينضم إليه أنه ذكرَ مقصودَه بصيغة الشرط. وقد قدمنا في الفصل السابق ما يبطل بصيغ الشروط، وعليه خرَّجنا فسادَ الصفقةِ في وجه إذا قال: اشتريت هذا الزرعَ منك على أن تحصده.

وإن كانت الصُّبرةُ مجهولةَ الصيعان عندهما، أو عند أحدهما، فالبيع باطل؛ فإن الصاع المستثنى يغيِّر مقابلةَ الصاع بالدرهم. ويرجع الأمر إلى مقابلة صاعٍ وشيء بدرهم، وليسا يَدرِيَان (٢) أن الزوائد على كل صاعٍ ليقابله درهم كم تقع؛ فالمقصودُ إذاً


(١) عبارة (ص): الحساب الذي ذكره فالأصحاب في ذلك ....
(٢) في (هـ ٢): يدري أين.