للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجهول. ولو أراد أن يعبر عن سعر الحنطة في الصفقة، لم يجد إليهِ سبيلاً، وكأنهما (١) قالا: كلُّ صاع وشيء بدرهم. وهذا باطل.

فهذا بيان مسألةٍ.

٣٣١٣ - والمسألة الثانية: أن يقول: اشتريتُ هذه الصبرةَ كل صاعٍ بدرهمٍ، على أن أنقص صاعاً، فهذه اللفظةُ مترددةٌ، كما تقدَّم.

فإن عَنَى بذلك أن يهبَ منه صاعاً من الصبرة، ويبيعَ الباقي بحساب الدرهم، فهذا شرطُ هبةٍ في بيعٍ. وإن أراد تغيير الحساب، وقال: يكون الحساب بيننا والصبرة مبيعةٌ على هذا النحو، فهو كما لو قال: على أن تزيدني. وقد مضى التفصيل فيه والفرق بين أن تكون الصيعان معلومة أو مجهولة.

وقد نجز غرضُ الأصحاب.

٣٣١٤ - ولا يصفو الفصل عن الكدر إلا بالتنبيه لأمرٍ: قال الأئمة رضي الله عنهم: كل لفظ نيط به حكم، وهو مما ينفرد اللَاّفظ به، ولا يحتاج إلى جواب مخاطب، فهو قابل للصَّريح والكناية: كالطلاق والعتاق، والإبراء، والإقرار، وما في معانيها.

فهذه الأشياء يتطرّق إليها الصريح والكناية، ثم الكنايات مفتقرةٌ إلى نية اللَاّفظ، والرجوعُ فيها إليه، كما سيأتي تفصيله في كتاب الطلاق.

وأما ما لا يستقل فيه لفظُ شخصٍ واحدٍ، ويستدعي جواباً: كالعقودِ المفتقرةِ إلى الإيجاب والقبول، فلا شكّ في انعقادِها بالصريح (٢).

وأما تقديرُ عقدِها بالكنايات، فالعقود تنقسم إلى ما تفتقر إلى الإشهاد وإلى ما لا تفتقر إليه.

فأما المفتقر إلى الإشهاد: كالنكاح وكبيع الوكيل إذا شرط الموكِّلُ عليه الإشهاد على البيع، فلا ينعقد بالكناية؛ فإن الشهود لا يطلعون على القُصود، ومجردُ الألفاظ إذا كانت كنايات لا تكون عقوداً.


(١) في (هـ ٢) كلاهما قالا.
(٢) في (هـ ٢): بالصرايح.