للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى الجملة لِما بحث السائل عنه وَقْعٌ.

وقد ذهبَ بعض أصحابنا فيما حكاهُ الشيخ أبو علي في مذهبه الكبير (١) أن جهالةَ المقدارِ لا تُلحق البيعَ ببيع الغائب، ولكنه من تفرّداته. وإنما يُفتَى بما يأتي به في شرحه، فلذلك أخرتها. فهذه مسألة.

٣٣١٨ - ومن مسائل الفصل أنه لو باع السمنَ مع الظرف: كل منّ بكذا، وشَرَطَ طرحَ وزن الظرف، صح البيع. وإن قال بعتُك هذا السمنَ كلَّ مَن بكذا على أن أزنه بظرفه، ولا أحط وزنَ الظرف، فهذا باطل؛ لأنه وجه العقد على السمن، ثم شرط أن يتسلم ما ليس بسمن بدلاً عن السمن. وهذا قولٌ متناقض؛ فلا ينعقد البيع.

وإن قال: بعتُك السمن مع الظرف، كل من بكذا، فمقتضى لفظه لا تناقض فيه، ومقصوده وزن الظرف مع السمن، وبيعه بحسابه، فإن كان الظرف متقوّماً بحيث يصح إفراده بالبيع، فالبيع صحيح وإن اختلفَ جنس السمن والظرف. وقد تختلف القيمة، وهو كبيع الفواكه المختلطة على وزن واحدٍ في الجميع.

وقال بعض أصحابنا: لا يجوز البيع كذلك؛ لأنه لا يعرف قدر السمن والظرف، والمقاصد تختلف في ذلك. وقد قدمنا في الفواكه المختلطة كلاماً فيما مضى، فلو كانا عالمين بمقدار الظرف وجرى العقد كما ذكرناه، صح بلا خلافٍ.

فرع:

٣٣١٩ - إذا قال بعتك من هذا السمن كلَّ منّ بدرهم، أو بعتك من هذه الصُّبرة كلَّ صاع بدرهم، فلفظه ليس يتضمن استيعاب الجميع؛ فإن من مقتضاه التبعيضُ، فلا يصح العقد بهذا اللفظ في جميع السمن والصبرة. وهل يصح العقد في منّ أو صاع؟

ذكر صاحب التقريب فيه وجهين، وشبَّهها بمسألة في الإجارة: وهي إذا قال:


(١) المذهب الكبير هو شرح الشيخ أبي علي مختصر المزني. ولم يعرف هذا الشرح بهذا الاسم، وربما لم يطلقه عليه إلا إمام الحرمين. يبدو هذا من عبارة السبكي في الطبقات، حيث يقول في ترجمة الشيخ أبي علي: "وصنف شرحَ المختصر، وهو الذي يسميه إمام الحرمين بالمذهب الكبير" (ر. الطبقات: ٤/ ٣٤٤).