للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيار المجلس، فالتصريحُ بالشرط يفسُد من طريق الحكم، ولا يبعد أن يؤثر في فسادِ العقد.

وهذا فيه نظر عندنا. وإن اتبعنا الحكمَ فَقُصارَاهُ أن يلغوَ خيار، وليس الخيارُ مقصوداً في البيع؛ حتى يؤثِّر كونُه لغواً في إفساد البيع، والشرط المفسد هو الذي يغير مقصوداً من العقد.

فالأظهر إذاً أَنَّ المتعاقدَيْن إذا صرَّحا باحتساب ابتداء الخيارِ من وقتِ العقدِ، جاز ذلك. وقد يتجه لمن يميل إلى الإفساد شيء وهو أن يقول: إذا كان يلغو خيار الشرط في زمان المجلس، فكأَنْ لا خيارَ من جهة الشرط في المجلس، وإنما يثبتُ منه ما يقع بعد التفرق ولا يدرَى كم قدرُه، فهو خيار مجهول المقدار.

وإذا فرعنا على أن خيار الشرط عند الإطلاق محسوب من ابتداء العقد، فلو صرّح المتعاقدان بشرط احتساب أول مدة الخيار من وقت التفرق، فالذي قطع به الأصحاب أن هذا مفسد للعقد على الوجه الذي نفرع عليه. ووجه ذلك ظاهر؛ فإن المعتمد عند هذا القائل ما في ذلك من الجهالةِ، وإذا وقع التصريح بها، فالوجه الحكم بالفساد.

وذكر صاحب التقريب وجهين على هذا الوجه، كالوجهين اللذين فرعناهما على الوجه الأول.

وهذا لا أصل له؛ فإن الوجهين المذكورين المفرَّعين على الوجه الأول مأخوذان من التردد في أن ذلك [الوجه] (١) مبنيٌّ على حكم متَّبع، أم هو متلقًّى من صيغة اللفظِ المطلق، ولا ينقدح في الوجه الثاني هذا؛ فإن المعتمد في الوجهِ الثاني اجتنابُ الجهالة. والتصريحُ بهذا يناقض المقصودَ.

٣٣٢٣ - ومما فرعه الأصحاب في ذلك أن البيع إذا اشتمل على خيار الشرط، فإذا قلنا: ابتداؤه محتسب من وقت العقد، فلو قال المتعاقدان في المجلس: أبطلنا الخيارَ، فهذا يتضمن قطعَ الخيارين؛ فإن الإبطال صادفهما جميعاً. وإذا قلنا: ابتداءُ خيار الشرط محسوب من وقت التفرق، فإذا قالا في المجلس: أبطلنا الخيار،


(١) ساقطة من الأصل.