للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التسليم ممكناً، فإذا عُدَّ متعذّراً في العرف، قُضي ببطلان العقدِ، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، وصفات العاقدين؛ فإذا أبقَ العبدُ وخفي مكانُه، فبيعه باطل، لما ذكرناه، ولا يشترط في الحكم بالبطلان اليأسُ من التسليم، بل يكتفَى بظهور التعذُر.

٣٣٢٦ - وإذا باع عبداً مغصوباً، فهذا يختلف، فإن كان البائع يقدر على استرداده من الغاصب وتسليمه، صحّ البيعُ. وإن كان لا يقدر عليه لضعفه، واستظهار الغاصب بفضلِ قوته، فالبيع مردود.

ولو كان المشتري قادراً على أخذه من الغاصب، وكان البائع عاجزاً عنه، ففي صحَّة البيع خلاف بين الأصحاب: منهم من أفسده نظراً إلى عجز البائع؛ فإنه هو الذي يجب عليه التسليم، فإذا عجز عمَّا يجب عليه بحكم العقد، [لم يصح، ومنهم من قال: يصح العقدُ] (١)، نظراً إلى قدرة المشتري على الوصول إلى حقه. وهذا هو الأصح.

ولكن إن علم المشتري حقيقةَ الحال، فلا خيارَ له، وإن جهل وظن أن المبيع في يد البائع، فله الخيار؛ فإن العقد لا يُلزمه تكلّفَ تحصيل المبيع.

ثم إذا شرع في العقد على علمٍ، وتوجَّه على البائع التسليمُ، فإذا عجز عنه، ولم يتمكن من تحصيله بنفسه، فيثبتُ الخيارُ أيضاً للمشتري، وإن شرع في العقد على علم. هذا هو الأصحّ.

فإن قيل: هذا يناقض ما ذكرتموه الآن من الفرق بين العلم والجهل؛ فإنكم أثبتم الخيار مع العلم أخيراً. قلنا: الفرق قائم؛ فإنه إذا كان جاهلاً، فعَلِم، تخيَّر، وإن لم يدخل وقتُ وجوبِ تسليم المبيع على التفصيل المقدم في أقوال البداية، وإذا شرع في العقد على علم، فلا خيارَ له ما لم يدخل وقتُ وجوب التسليم.

ويجوز تزويج الآبقة، وينفذ عتقُها؛ فإن التزويج والعتق لا يفتقران إلى تسليمٍ، حتى يُرعَى فيهما إمكان التسليم.


(١) ساقط من الأصل.