للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حلبه، فلا ينفع إبداء النموذج؛ فإن المانع قائم. وذكْرُ الوجهين مطلقاً يشير إلى أن المحذور -حيث لا نموذج- عدمُ الرؤية أو عدمُ الإحاطة بالصفة. ومن سلك هذا المسلك يلزمه التخريج على بيع الغائب.

وكان شيخي يتأنق في التصوير، ويفرضُ بيعَ مقدارٍ إذا ابتدر حلبه واللبن على كمال دِرّته لم يظهر اختلاطُ شيء له قدرٌ به مبالاة. وإن فرض شيء على بُعدٍ، فمثله محتمل، كما إذا باع [جِزةً] (١) من قُرْط.

فإذا قلّ مقدارُ المبيع وتُصوّر بالصورة التي ذكرناها، وفرض إبداءُ النموذج، فينقدح ذكر خلافٍ هاهنا؛ فإن هذا المقدارَ يُمثل ببيع جِزَّةٍ من قُرطٍ يبتدر جزها. وإذا كثر المقدار، كان مشبَّهاً ببيع ما يتزايد على شرط التبقية؛ فإن الحلب وإن ابتُدر إذا كثر القدرُ، ظهر التزايد؛ فإنّ سبيل تزايد اللبن من منافذه كسبيل بيع الماء من عيون البئر.

والجَمةُ (٢) إذا كملت لا تزيد، وإذا أخذ في نزحها، فارت (٣) العيون.

ومن حقيقة هذا الفصل أن الخلاف إذا رد إلى تعليل المقدار، فلا حاجة إلى ذكر النموذج في التخريج على الخلاف.

وحاصل القول: أنه إذا ظهر الزائد والاختلاطُ، امتنع البيع قولاً واحداً. وامتاز (٤) اللبن في الضرع في هذه الصورة عن قاعدة بيع الغائب بما ذكرناه من الاختلاط.

وإن قل المقدار وكان الاختلاط فيه غيرَ معتد به، فمن أصحابنا من يرى إلحاقَ هذا ببيع الغائب، وقد تقدم التفصيل فيه، والنموذج من أطرافِ تفريعه.

ومنهم من حسم الباب ورأى إلحاق القليل بالكثير؛ فإنه لا ضبط للقدر الذي يقال فيه: إنه مبيع (٥) خالصٌ غيرُ مختلطٍ؛ فالوجه حسم الباب بالمنع.

هذا تحقيق المذهبِ.


(١) في الأصل: جزءاً.
(٢) في (ت ٢): والجهة، (هـ): والجملة.
(٣) في (ت ٢): زادت.
(٤) في (ت ٢): وصار.
(٥) في (هـ ٢): مبلغ.