للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣٤٢ - وذكر بعض أصحابنا لمَّا جرى ذكرُ النموذج فصلاً فيه، لا اختصاص له باللبن. وهو أن من أبدى نموذجاً من لبنٍ، أو حنطة، أو غيرِهما وأراه الطالبَ، وقال: التزمت لك على هذه الصفة كذا رَطلاً (١)، فقبله الطالبُ ونقدَ الثمنَ، فهل يكون هذا سلَماً صحيحاً؟ وهل يجري إبداء النموذج مجرى استقصاءِ الوصف؟ كان شيخي يقطع بأن هذا لا يصح، ويخرّجه على أن التعويلَ فيه على التعيين، والنموذج يُعرَّض [للضياع] (٢)، فقد يجرّ التعيينُ عليه خبالاً. وهذا ممتنع في السلم.

وقال طوائفُ من المحققين: لفظُ الأنموذج لا يكفي من غير تدبّر، وإن كان يُكتفَى باللحظ في بيع العِيان؛ فإن الملحوظ إذا كان هو المسلَم، لم يعد مجهولاً. وإن كان الملحوظُ عِبرةً لموصوفٍ في الذمةِ، ثم لم يتأمَّل، عُدَّ الثابتُ في الذمة مجهولاً. وإن تأمّل العاقدُ النموذجَ وضبط أوصافَه على وجهٍ لو فات، لاستقل بتلك الأوصاف.

قالوا: إن كان كذلك، انعقد، وكان ما جاء به وصفاً كافياً. وهذا حسن.

وامتنع شيخي منه، وقال: السلم يعتمد الأوصاف المذكورة، والإحاطةُ بالأوصاف لم يجر ذكرها.

فصل

٣٣٤٣ - منع الأصحاب بيعَ الصوف على ظهر الغنم؛ لأن مطلقَ البيع يتناول الصوفَ إلى الأصل المتصل بظاهِر الجلد. وتسليمُه على هذا الوجه ممتنع؛ فإن فيه إن قصده القاصد تعذيبَ الحيوان، على أنه مع الإيلام غيرُ ممكنٍ، ولا عادةَ في بيعِ الصوفِ على الغنم، حتى ينزل ذلك على المعتادِ في مثله.

فإن قيل: في الجزّ عادةٌ فلُينزَّل عليها البيعُ. قلنا: ليس في الجزِّ عادةٌ مضبوطة، بل الأمر يتفاوت. ومن يجز غنم نفسه لا يبالي بتفاوته. فإذا رُدّ الأمرُ إلى البيع، أثار ذلك تنافياً.


(١) بفتح الراء وكسرها. (معجم).
(٢) في النسخ الأربع: " الضياع "، والمثبت تقديرٌ منا على ضوء السياق.