للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نبه الشيخ أحمد شاكر إلى شيءٍ من هذا، حين قال - في تعليقه على سنن الترمذي: ١/ ٤٤٠: " وقد رأيت كثيراً من الناسخين والعلماء يجيزون لأنفسهم تغيير ما خالف القواعد المعروفة؛ ظناً منهم أنه خطأ ".

قال هذا وهو يتحدث عما رآه من اختلاف رواية الحديث الشريف: " ليلني منكم أولو الأحلام والنهى "، وهو كلام نفيس يدل على سعة اطلاع وطول باع، ونور بصرٍ وبصيرة، يحسن أن نأتي به بتمامه، قال رحمه الله وطيب ثراه تعقيباً على هذا الحديث: " قال النووي في شرح مسلم: "ليلني: هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياءٍ قبل النون، ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد".

وهكذا طبع في صحيح مسلم بحذف الياء في طبعة بولاق (١: ١٢٨) وفي طبعة الآستانة (٢: ٣٠) في حديثي أبي مسعود وابن مسعود، وكتب بهامشها في حديث أبي مسعود أن في نسخةٍ ليليني " وضبط بتشديد النون، وفتح الياء قبلها.

ولكن في نسخة مخطوطة عندي من صحيح مسلم -يغلب عليها الصحة- بإثبات الياء فيهما من غير ضبط، وكتب بهامشها في الموضعين أن في نسخةٍ (ليلني) بحذف الياء.

وقال المباركفوري في شرح الترمذي: ١/ ١٩٣: " قد وقع في بعض نسخ الترمذي: (ليلني) بحذف الياء قبل النون، وفي بعضها بإثباتها ".

أقول (١)، وإني لم أرها في شيء من نسخ الترمذي بحذف الياء، وأظن أن حذفها فيه وفي غيره من تصرف الناسخين، وكذلك ضبط الكلمة على إثبات الياء: بفتحها وتشديد النون؛ ذهاباً منهم إلى الجادَّة (٢) في قواعد النحو، بجزم الفعل المعتل بحذف حرف العلة.

وقد رأيت كثيراً من الناسخين والعلماء يجيزون لأنفسهم تغيير ما خالف القواعد المعروفة، ظناً منهم أنه خطأ، والدليل على ظن التصرف منهم أن الشارح


(١) القائل الشيخ شاكر، فما زال الكلام له.
(٢) يعني المألوف المعروف من قواعد النحو.

<<  <  ج: ص:  >  >>