للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣٧٠ - ثم ذكر الشافعي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تتلقوا الركبان للبيع، فمن تلقاها، فصاحب السلعة بالخيار بعدَ أن يقدَم (١) السوق " (٢).

وصورة ذلك: أن يعلم إنسان بقدوم رُفقة تحمل سلعاً وأمتعة، فيستقبلَهم على قصد أن يشتريَ منهم، ويتقدم إليهم، ويَكْذِبَهم في سعر البلدِ، ويشتري منهم شيئاً من سلعهم أو جميعها بغبنٍ. هذا مورد الخبر.

ولا شك أن صنع هذا المتلقي حرام إذا كان عالماً بالحديث. والعقد ينعقد.

وللبائع الخيار لنص الحديثِ. هذا إذا كذب في السعر واسترخص، فأما إذا صدقَ في السعر، واشترى منهم بأقلَّ من ثمن المثل، أو بمثل الثمن، ففي الخيار وجهان: أحدهما - يثبت لظاهر الحديث؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم، أطلق إثباتَ الخيار، ولم يفصّل بين أن يكذبَ أو يصدق.

ومما يتعلق بذلك أنه لو لقي الركبَ وفاقاً، وما قصد تلقِّيَهم على نحو ما وصفناه، ولكن اتفق الالتقاء بهم، فإن صدق في ذكرِ السعر، واشترى، نفذ، ولا خيار. وإن كذب في السعر، ففي ثبوت الخيار وجهان: أحدهما - لا خيار؛ فإن الحديث وارد في تلقي الركبان وهذا ليس متلقِّياً والثاني - يثبت الخيار؛ لأن معنى الحديث النهي عن المخادعة، وهذا جار في هذه الصورة؛ فهي في معنى مورِد الحديث.

فصل

في بيع الجارية والبهيمة على شرط الحمل وفي بيعها مع استثناء الحمل

٣٣٧١ - فإذا باع جارية على أنها حُبلى، أو شاةً على أنها لَبون، أو جُبة وشرط حشوَها؛ ففي المسائل طرق:

من أصحابنا من قطع بفساد البيع في هذه المسائل؛ فإن البيع تضمن شرطَ مجهولٍ لا إحاطةَ به. ومنهم من قال: في جميعها قولان في صحة البيع. ومنهم من قال:


(١) قدِم يقدَم: من باب تعب. (المعجم).
(٢) "لا تَلَقَوُا الركبان" جزء من حديث ابن عباس المتفق عليه السابق. أما الزيادة فعند مسلم من حديث أبي هريرة (ح ١٥١٩).