وقطع بعضُ أصحابنا بصحة البيع في اشتراط كون الشاة لبوناً. وقال: هذا صفةٌ في الشاة، وليست تقتضى ثبوتَ لبني في الضرع، فأما إذا اشترط اللبن في ضرعها حالةَ البيع، فيكون ذلك كاشتراط كونها حاملاً.
فهذه طرق الأصحاب.
قال الشيخ أبو علي: لو قال: بعتك هذه الجاريةَ، وما في بطنها. أو بعتك هذه الشاةَ، وما في ضرعها. أو هذه الجُبةَ وما فيها من الحشو، فيبطل البيع في هذه الصور قولاً واحداً؛ فإنه تعرض لمجهولات وأثبتَها مبيعةً مقصودةً. وليس كما لو قال: بعتُها على أنها حامل؛ فإنه ما جعل الحمل مبيعاً مقصوداً، بل ذكره وصفاً.
والوصف قد يكون وقد لا يكون، فكان كما لو اشترى عبداً على أنه خبازٌ.
وهذا الذي ذكره حسن. وما ذكره الأصحاب -مع ما ذكر الشيخ أبو علي- يلتفتُ على أن المذكور على صيغة الشرط هل يكون كما يذكر على صيغة الضم إلى المبيع.
وقد ذكرنا أمثلة هذا فيه إذا قال: اشتريتُ منك الزرعَ على أن تحصده. فإن جعلنا المفهومَ من الشرط كالمضموم لفظاً، فيقرب الحكمُ بالبطلان.
والظاهر ما قاله الشيخ إلا أنه ضمَّ حشوَ الجبة إلى الحمل، وفيه بعضُ النظر: فلا يبعد أن يُجعل كبيع الغائب.
ثم يتطرق إلى ما قاله نوعٌ آخر من الاحتمال: وهو أن البيع إن بطَل في الحمل واللبن، فالوجه تخريج البيع في الجارية والشاة على قولين في تفريق الصفقة.
وقد تعرض الشيخُ (١) لهذا. ثم قال: الوجه: القطع بالبطلان؛ فإن المضموم مجهولٌ لا يتأتى توزيع الثمن عليه وعلى المبيع. والقياس ما ذكره. لكنَّا أجرينا قولَيْ تفريق الصفقة في صورةٍ لا يتأتى التوزيع فيها، كما في بيع شاةٍ وخنزير. وذلك يُخرّج على القولين في أن العقد إن أجيز بكم يجاز؟ فإن قلنا: يجاز العقدُ في الذي يصح فيه بتمام الثمن، فلا حاجة إلى التوزيع، ولا يضر تعذر التوزيع؛ إذْ لا حاجة إليه.