للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣٧٨ - فأما إذا فرعنا على القول الآخر. وقلنا: لا يحصل الملك في القرض إلا بتصرفٍ من المقترض. فالكلام أولاً في نفس التصرف:

لا خلاف على هذا القول أنه لو استخدم العبدَ المقترَض أو أعاره، فلا يحصل الملك بهذا القبيل من التصرفات.

ولو باعه بيعَ بتات، أو وهبه وأقبضه، فيحكم بنفوذ تصرفه، ويستبين أن الملك انتقل إليه قُبَيْل التصرف الصادر منه، فإنا بالتصرف نعلم جريانَ المقترض في مقصود القرض. وإذا تبيَّنا ذلك، أسندنا تصرفاته إلى ملكٍ مقدَّرٍ قُبيلَها.

ولو آجر العبدَ المقترَضَ أو رهنه، فكيف القول في التصرف الذي لا يزيل الملك عن الرقبة، ويستدعي نفوذُه ملكَ المتصرف؟

في كلام أصحابنا خبطٌ في هذا. أمّا شيخي فكان يقول: كل تصرف لو صدر من المتّهب، انقطع به حق رجوع الواهبِ منه، ولولاه لرجع، فذلك التصرف يثبت ملكَ المقترض على حكم التبيّن. وكذلك كل تصرفٍ لو صدر من المشتري، ثم أفلس، لامتنع به حق رجوع البائع إلى عين ماله، فإذا صدر من المقترض، تضمّن حصولَ الملك له، فلا فرق بين هذا المعتبَرِ وبين ما ذكرناه في المتهب.

هذا مسلك شيخي.

ومن أئمتنا من قال: التصرف المعتبَر فيما نحن فيه هو الذي يزيل الملكَ عن رقبة المقترض؛ فإن الغرض من الإقراض إخراجُ المقترَض. وهذا القائل لا يجعل الرهن مما يكتفى به وإن تعلّق برقبة المقترَض.

وقال بعض أئمتنا: كل تصرف يتعلق بالمنفعةِ، فإنه لا يثبت حقَّ الملك في المقترَض، كالإجارة. وكل تصرف يتعلق بالرقبة على لزومٍ، فإنه يتضمن ملك المقترض، فالرهن عند هذا القائل يتضمن تحصيل الملك.

وقال بعض أئمتنا: كل تصرف يستدعي ملكاً، فهو من المقترض يتضمن تمليك القرض على مذهب التبيّن.