كل عقد مملِّكٍ على الصحة، إذا لم يقترن به مانِع من نقل الملك، فالملك لا يتأخر فيه عن القبض.
والقول الثاني - أن الملك لا يحصل ما لم يتصرف المقترض، كما سنصف تصرّفَه؛ فإن الاقتراضَ ما وقع للتمليك المحض، حتى لا (١) يقتني المقترضُ ما يقترضه. ولو كان المقصود منه ذلك، لرُدَّ إلى قياس العقود، فحكمُ القرض في وضعه يقتضي وقوفَ الملك إلى اتفاق التصرف.
التفريع على القولين:
٣٣٧٧ - إن حكمنا بأن الملك يحصل في القرض بنفس القبض مع جريان لفظٍ مشعر باقتراض، فقد قال صاحبُ التقريب وأئمة العراق: لو أراد المُقرِضُ أن يسترد عينَ ما أقرضه، كان له ذلك. وهو ما قطع به القاضي. وسببه أنه إذا كان يملك تغريمه مثلَ حقه عند فواته، فينبغي أن يملك استردادَ عين ملكه. ولو أبى المقترض، كان حاملاً للقرض على مقصود الاقتناء. وقد أوضحنا خلاف ذلك.
وذكر الشيخ أبو علي في الشرح أن المقرض ليس له أن يسترد عينَ القرض إلا أن يرضى به المقترض، فلو أراد أن يأتي بمثل ما قبضه، فله ذلك.
وهذا الذي ذكره قياس حسن. ولكن جمهور الأصحاب ذهبوا إلى مَا قدمناه.
ولو أراد المقترض ردَّ عين القرض، فلا شك أنَ المقرض محمول على قبوله، وليس له أن يقول: إنما أقرضتك هذه الدراهم بعوضها، فلا أقبل عينها؛ وذلك أن القرض منتزعٌ عن حقائق المعاوضات. ولو باع رجل درهماً في الذمة بدرهم، ثم أقبض أحدُهما صاحبه درهماً، فردّه على صاحبه، وكان مثلاً له، جاز ذلك. فإذا لم يمتنع هذا في المعاوضات المحققة، فلا شك أن المقرض محمول على قبول عينِ حقه.