قال صاحب التلخيص:" ما يصح السلم فيه، يصح إقراضُه إلا الولائد ": أراد الجواري. فنقول أولاً:
مقتضى كلامه: أن ما يمتنع السلم فيه لأن الوصفَ لا يحيط به لا يصحّ إقراضُه.
وهذا ما ذهب إليه الجماهير المعتبرون من الأصحاب. ووجهه أن القرض مقتضاه إلزامُ ذمة المقترض عوضاً موصوفاً، فينبغي أن يكون الشيء قابلاً للصفة، وكأنَّ العينَ المقرضَة بصفاتها سبيلٌ في وصفِ ما يُلزمه ذمةَ المقترض. وهي نازلةٌ منزلةَ ذكر الأوصاف في السلم.
فيخرج إذاً مما ذكرناه أن اللؤلؤةَ لا يجوز إقراضُها، وكذلك النشابة والقوس، وكل ما يمتنع السلم فيه. وذكر الشيخ أبو علي هذا الوجهَ، ووجهاً آخر: وهو أن الإقراضَ يجوز في هذه الأشياء.
والقول في هذا ينبني على ما سأذكره في آخر الفصل، وأنبه على رد هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
٣٣٨١ - ومما يتعلق بهذا الفصل الكلامُ في إقراض الجواري. وقد نص الشافعي على قولين فيه: أحدهما - تجويز ذلك قياساً على العبيد والعُرُوض، والنقود. والقول الثاني - لا يجوز إقراضهن.
وقد اتفق أصحابنا على أحد هذين القولين في أن الملك متى يحصل في القرض.
ثم ذهب الأكثرون إلى أنا إن قلنا: يحصل الملك بالقبض، فيصح إقراضُ الجارية، ويملكها المقترض بالقبض، كما يملكها بالاتهاب والقبض.
وإن قلنا:[لا يحصل الملكُ في القرض بالقبض، فلا يصح إقراضُ الجواري](١)؛ فإن في تصحيحه تسليمَهن إلى المقترض، فتثبت يدُه عليها من غير ملكٍ. وقد يُفضي ذلك إلى الإلمام، فالوجه حسم هذه الجملة بالكلية.