للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الشيخ أبو علي مسلكاً آخر في بناء إقراض الجواري على الملك، وهو عكس ما ذكره الأصحاب. فقال: إن قلنا: يحصل الملك في القرض بالقبض، فلا يصح إقراض الجارية؛ فإن المقترض لو ملكها، لاستحلها، ثم مَلكَ ردها في عينها، فيكون ذلك على صورة إعارة الجواري للوطء. وإذا قلنا: لا يملك القرضَ بالقبض، فيصح إقراضُ الجارية؛ فإن مستقرضَها إذا لم يملكها، لا يستحلها، ولا يقع ما صورناه من وطء الجارية وردّها في عينها.

هذا مسلكه. والذي ذكره الأصحاب قريبٌ. ولا بأس بما ذكره الشيخ أيضاً.

والقياسُ جواز الإقراض على القولين. ولكن صح عن السلفِ النهيُ عن إقراض الوَلائدِ. وكأن المسألة اتباعية.

وأجمع أئمتنا أن الجارية إن كانت من محارم المستقرِض بنسب أو رضاع، أو صهرٍ، فيجوزُ إقراضها منه. لم أرَ في هذا خلافاً. وهذا يُنبِّهُ (١) على أن المحذورَ الوطءُ واستحلاله، على التفصيل الذي ذكرناه.

٣٣٨٢ - فإذا ثبت التفصيل فيما يجوزُ إقراضه، فالمقترَض لا يخلو إما أن يكون من ذوات الأمثالِ، وإما أن يكون من ذوات القيم؛ فإن كان من ذوات الأمثال، فلا شك أن المردود مثلُ المستقرَض.

وإن كانَ المُقرَضُ من ذوات القيم، فقد ظهر اختلاف الأصحاب فيه: فذكروا وجهين أشبههما (٢) بظاهر الحديث أنه يرد مثل ما قبض. وإن لم يكن من ذواتِ الأمثالِ. وصح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض بكراً من أعرابي فتقاضى عليه وأغلظ عليه في القول ". قال أبو هريرة فهممنا به فقال عليه السلام " دعوه فإن لصاحبِ الحق يداً ولساناً. ثم أمر أبا رافع أن يقضيه، فلم يجد إلا بازلاً (٣)، فقال:


(١) في (هـ ٢)، (ت ٢): تنبيه.
(٢) في (هـ ٢): أظهرهما.
(٣) البازل من الإبل من دخل في التاسعة، وهو تمام قوة الإبل. وهذا تصرف في الرواية: فليس هذا اللفظ في الحديث.