الحلم؛ حتى يستبينَ رشدَه في الوجوه. فإن رأى أن يفوض إليه عقداً حتى يتعاطاه، وهو يراقبه ليستبين تهدِّيه وكَيْسه، فهل ينفذ ذلك؛ المذهب أنه لا ينفذ. واشتهر عن بعض الأصحاب تنفيذ هذا العقد وهذا لا وجه له. ولا أصل في قاعدة المذهب لهذا.
٣٣٩٨ - والصبي ليس من أهل القبض فيما لا يكون من أهل العقد فيه؛ فإن القبض فيه من الخطر ما يزيد على العقد. وإذا كان القبض مملِّكاً في عقدٍ كالقبض في الهبة، فيدُ الصبي لا تصلح له، كما لا تصلح عبارتُه للفظ الذي يملِّك لو صدر من أهله.
وقال الأئمة: لو قال مالك الوديعة للمودَع: سلِّم الوديعةَ إلى هذا الصبي، فسلمها إليه، برىء؛ فإنه امتثل أمرَه، فيما هو خالصُ حقه.
ولو قال للمودعَ: ألقِ هذه الوديعةَ في النارِ، فألقاها، بَرِىء.
ولو قال مستحق الدين لمن عليه الدين: سلّم حقي عليك إلى هذا الصبي، فإذا فعل، لم يبرأ، حتى لو ضاع من يد الصبي، فحق مستحِق الدين باقٍ في ذمة المديون؛ فإن يد الصبي لا تصلح للقبض، ولم يتعين بعدُ حق ذي الحق حتى يكون قولُه هذا بمثابةِ الرضا بإتلاف حقه.
ولو قال لمن عليه الدين ألْقِ حقي في هذه النار، فإذا ألقى مقداره فيها، لم يبرأ؛ فإن ما يلقيه حقُّ (١) الملقي بعدُ إلى أن يتعيَّن بقبضٍ صحيح، هو المملِّكُ في العين.
وهذا ظاهر.
ثم إذا ضاع ما سلمه إلى الصبي فبقاءُ الحق على ما وصفناه، ولا ضمان على الصبي.
وقد قال الأئمة إذا أودع الرجل شيئاً من ملكه عند صبي، فضاع في يده بسبب ترك الحفظ، فلا ضمان والمضيعُ ربُّ الوديعة؛ إذْ وضعها عند من ليس أهلاً لها.
ولو أتلف الصبي الوديعة ففي وجوب الضمان عليه وجهان سيأتي ذكرهما في كتاب الودائع: أحدهما - لا يجب الضمان؛ فإن المودِع هو المسلِّط على الإتلاف.