للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتصرف (١) السابق في حالة الرق، وبين أن يقال: ما يرجع إلى الذمة المحضة، فالعبد مختص بالالتزام فيه، فلا نجد مرجعاً لما اختصَّ بالتزامه.

والوجه الثاني - أنه يرجع؛ فإن تصرف السيد جرَّ على العبد هذا الغرم بعد العِتاق وانقطاع علائق استحقاق المولى، فكأنه ورَّطه في هذا الغرم، وهو لا يستحقه بحق ملك الرق.

وعبَّر الأئمة عن هذا النوع وقالوا: اختلف الأصحاب في أن المولى هل يتصرف في عبده تصرفاً يبقَى ضررُه بعد العتق، ويعدُّ ذلك من بقايا الاستحقاق بعد العتاق كالولاء؟ فمنهم من قال: لا يستحق السيد هذا، وإن وقع، فهو بشرط الضمان، وهذا القائل ينظر إلى حالة العَتاقة وانقطاع السلطان.

والثاني - يملك ذلك ويستحقه ولا مرجع. وهذا القائل ينظر إلى حالة الرق.

ومن هذا الأصل إذا أجر السيد عبده، ثم أعتقه في أثناءِ المدة، فإذا حصل الوفاء بالإجارة فهل يرجع بمثل أجرة نفسه في المدة الواقعة بعد العتق على سيده؛ فعلى الوجهين اللذين ذكرناهما في الإجارة. وفي ملك العبد فسخها إذا عَتَق تفصيل يأتي في كتاب الإجارة، إن شاء الله تعالى.

وإذا ضمن العبد عن مولاه دَيْناً كان عليه بإذنه، ثم أدَّاه بعد العتق، فهل يرجع به على المولى؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين.

٣٤٠٣ - هذا قولنا في متعلق ديون العبد المأذون في التجارة، ويخرج مما قدمناه أولاً، وفصلناه آخراً أن ديون التجارة لا تتعلق برقبة العبد؛ فإنها ليست محل التجارة وليس ما يلتزمه على قياس أروش الجنايات؛ ولهذا قال أئمتنا: لا يؤاجر العبد المأذون نفسه؛ فإن رقبته ليست محل تصرفه. وهل يؤاجر الأموال التي يتجر فيها؟ على وجهين: أحدهما - أنه يؤاجرها؛ فإن السيد أذن له في استنمائها وتحصيل الفوائد منها بالجهات التي تعد استنماء.

والوجه الثاني - أنه لا يملك ذلك؛ فإن الإجارة لا تعد من أنواع التجارة، وفيها


(١) في (ص): فالتصرف.