للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجر في بعض المذاهب مانع من التجارة الحقيقية؛ فإن المكرَى لا يباع في قولٍ.

وفي المأذون وتصرفاته، وتصرفات المولى فيما في يده أحكام سيأتي ذكرها في كتاب النكاح، إن شاء الله تعالى، ولو جمعنا أحكام المأذون، لطال الباب، ولسنا نلتزم مثل هذا؛ فإنه يُحوج إلى الخروج عن التزام ترتيب السواد.

٣٤٠٤ - فإن قيل: بيّنوا أحكام العُهدة بين السيد والعبد، وبين تعامل العبد وبين السيد.

قلنا: ظن أبو حنيفة (١) وأصحابُه أن عُهدة العقود التي يعقدها المأذون تنحصر عليه، ولا تتعداه إلى مولاه، وبنَوْا على ذلك مصيرهم إلى أن العبد متصرف لنفسه، ونحن نذكر ما ظنوه في معرض الأسئلة (٢) والإلزامات، ثم نبيّن المذهبَ في معرض الأجوبة عن تلك الأسئلة.

قالوا: لو اشترى المأذون شيئاً لا يطالَب المولى بثمنه، بل العبد هو المطالب، وإذا اشترى الوكيل شيئاً لموكله، فللبائع مطالبة الموكِّل بالثمن. وقالوا: إذا غرم المأذون بعد العتق دينَ معاملة، لم يرجع على السيد، ولو غرِم الوكيل ثمن العقد (٣)، رجع على الموكل. وقالوا: إذا باع المأذون سلعة، وأخذ ثمنها واستُحِقَت السلعة، فالرجوع بالثمن على العبد دون المولى.

فهذه أسئلتُهم.

واعتقدوا أنها مسلمةٌ لهم.

٣٤٠٥ - ونحن نقدِّم على الخوض في الجواب عنها أصلاً، فنقول: إذا دفع المولى ألفَ درهم إلى عبده ليتجر فيه، فاشترى به شيئاً، ثم تلف الألف في يده، نُظر: فإن


(١) ر. المبسوط: ٢٥/ ١٠، الهداية مع تكملة فتح القدير ٨/ ٢١٢، ٢١٣، الاختيار: ٢/ ١٠٢.
(٢) الأسئلة والإلزامات: من مصطلحات الجدل والمناظرة (ر. الكافية في الجدل لإمام الحرمين: ٧٦). والمعنى مفهوم هنا -على الجملة- من السياق، فلا داعي للإطالة والإثقال بالنقل من الكتب المتاحة.
(٣) في (ص)، (ت ٢): العبد.