الإذن. وهذا كما لو ادّعى رجل أن فلاناً وكَّلني بقبض حقه منك، فصدقه بذلك مَنْ عليه الحق، فله ألا يسلمَ إليه ما لم يُشْهِد على أنّه وكله. وهذا الأصل فيه تردد واحتمال سيأتي في كتاب الوكالة.
وقد اشتمل ما ذكرناه على معظم أحكام المأذون، لم يشِذ منه إلَاّ تصرّف السيد في المال الذي في يد المأذون قبل أن تركبه الديون، وبعد أن تركبه، وهذا ذكره الشافعي في مسائل النكاح، عند ذكره نكاحَ العبد، ومتعلّق المهر والنفقة.
٣٤٠٩ - وقد نجز ما أردناه من تعلق ديون المأذون. وكنا ذكرنا قسمين: أحدهما - المأذون له في التجارة، وقد نجز.
والثاني - في المأذون له في تصرف يُلزِم الذمةَ عوضاً مطلقاً، من غير أن يتضمن الإذنُ حصراً للتصرف في مالٍ، وهذا بمثابة ما لو أذن السيد لعبده أن ينكح، فهذا إذْنٌ بالتزام المهر والنفقة، وكذلك لو أذن له في أن يشتري مطلقاً، أو أذن له في أن يضمن ديناً.
فهذه جهات في التزامٍ جَرَت عن إذن السيد، ولا تعلق لأدائها بأموالٍ خاصة، بخلاف ديون المعاملة في حق المأذون له في التجارة، فما يكون كذلك، فهو يتعلق بجميع جهات كسب العبد التي منها الاحتطاب والاحتشاش والاحتراف -إن كان محترفاً صَنَاعَ اليد- ثم جميع جهات الكسب بالإذن المطلق تصير مستغرقة بالديون التي تلزم من هذه الجهات؛ حتى لا يجوز للسيد أن يستغلَّها (١) قبل أداء الديون المتعلقة بها إلَاّ على شرط ضمان.
ولو استخدم عبده يوماً أو أياماً، ففيما يلزمه تفصيل مذكور في كتاب النكاح.
ولو التزم ديوناً مطلقةً كما وصفناها بالإذن المطلق، ثم كان مأذوناً له في التجارة في أموالٍ في يده، فالديون المطلقة تتعلق بما يستفيده بالتجارة، اتفق أصحابنا عليه.
وفي تعلق ديون التجارة بسائر جهات الكسب سوى التجارة خلافٌ قدمناه، واختلف
(١) يستغلها: السين والتاء هنا بمعنى اعتقاد صفة الشيء مثل: استحسنت هذا. والمعنى: أنه لا يجوز للسيد أن يعتقد أكسابَ العبد هذه غلَّةَ له.