ولو اشترى رجل جارية وسعى في تحريمها على البائع بسبب طارىء في يده، ثم اطلع على عيب قديم بها، ردّها، ولم يكن للبائع أن يقول: بعتُها وهي محلٌّ لحلي، ورددتَها وهي محرّمة، فلا أقبلها؛ فإن التحريم والتحليل لا تعويل عليهما في عقد البيع.
وأمّا ما ذكرناه في المعتدة، فالسبب فيه أنها محرمة على الناس كافة، وهذا يرِّغب الطالبين عنها، وما كان كذلك أثر في المالية. وهو بمثابة ما لو اشترى داراً، ثم تبين أنها مستأجرة، والتفريع على صحة البيع يثبت الخيار.
وعلى هذا القياس لو اشترى جارية وقبضها، فوطئها واطىء بالشبهةِ، ثم اطلع على عيبٍ قديمٍ، كانت العدة بمثابة عيبٍ حادث طرأ في يد المشتري. وقد سبق التفصيل فيه. ثم ذكرنا في مسائلِ العيوب أن العيب الحادث إذا زال وقد كان تعذر الردُّ بسببه، فهل يملك المشتري الردَّ؟ فيه خلاف وتفصيل. والعدة وإن كانت في حكم عيب، فهي مرجوة الزوال.
فلو قال المشتري: أصبر حتى تنقضي العدة ثم أرد. فقال البائع: ضُمّ الأرشَ أو اقبل العيب القديم، وإلا فتأخيرك يبطل حقك من الرد، فكيف الحكم فيه؛ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يملك التأخير؛ فإن [العُذر](١) لائح، ورجاء زوال العيب ظاهِر، وإنما يبطل حق الرد بالتأخير إذا لم يكن عذرٌ.
ومن أصحابنا من قال: إذا أخر يبطل حقه؛ فإنه يجد سبيلاً إلى التخلّص من الظلامة دون الرد، فليرض به.
فرع:
٣٤٤٠ - إذا اشترى عبداً معيباً وقبضه، ثم جاء بعبد وقال: هذا العبد المبيع، وهو معيب، وهو الذي قبضتُه. وقال البائع: ليس هذا الذي قبضتَه مني واشتريتَه، وإنما هو عبد آخر، ولا بينة. قال الأصحاب: القول قول البائع مع يمينه؛ فإنه يستبقي العقدَ، والأصل بقاؤه. ولهذا صدقناه إذا ادعى حدوثَ العيب، وأنكر قدمه. فأما إذا أسلم في عبدٍ أو غيره من الموصوفات، وقبض ثم جاء وقال: هذا الذي قبضتُه ليس على الوصف الذي طلبتُه وذكرته في السَّلم، فقال المسلم إليه: