للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس هذا ذاك الذي قبضتَه مني، فالقول قول من؛ فعلى وجهين: أحدهما - القولُ قولُ المسلَم إليه؛ فإنه قد سبق قبض وفاقاً، والمسلِم يدَّعي بعد ذلك مرجعاً.

والوجه الثاني أن القول قول المسلِم؛ فإنهما اتفقا على اشتغال ذمة المسْلم إليه، والمسلَم إليه يدعي براءة ذمته، والأصل اشتغالها. وليس كذلك العبد المعيّن؛ فإنهما اتفقا على أن المشتري قبض ما اشتراه، ثم اختلفا في أن العقد هل يفسخ بعد ذلك أم لا. والأصل بقاء العقد.

وما ذكرناه من الوجهين في المسلم إليه يجريان في الثمن الواقع في الذمة.

وذكر ابن سريج في كل عوضٍ ثابت في الذمة ثمناً كان أو مثمناً ما ذكرناه من الوجهين في الحُكم الذي أردناه، وزاد وجهاً ثالثاً ذكره في الثمن. وهو أنه قال: لو قال البائع: الدراهم التي سلمتها أيّها المشتري مبهرجةٌ زيوفٌ، وليست وَرِقاً، فالقول قوله؛ فانه ينكر أصلَ القبض. وإن قال: هي معيبةٌ، فالقول قول المشتري حينئذٍ؛ فإن أصل القبض ثابت؛ بدليل أنه لو رضي القابض به [لعد] (١) ثمناً، وجرى عوضاً.

فرع:

٣٤٤١ - إذا أوصى إلى رجل أن يبيع عبداً معيباً من تركته، ويشتري بثمنه جاريةً، ويعتقها عنه، فباع الوصي العبد بألف، واشترى بالألف جارية، وأعتقها عن الموصي، ثم وجد مشتري العبد به عيباً ورده، فللوصي أن يبيع ذلك العبد المردود ويؤدي من ثمنه الألفَ الذي كان ثمناً، فإن وفَّى ثمنُ العبد لمَّا باعه بعد الرد، فلا كلام. وإن كان ثمنه تسع مائة، لمكان العيب الذي بدا، فذلك النقصان لا بد من جبره لرد جملة الثمن على المشتري. فذلك النقصان على من؟ اختلف أصحابنا في المسألة: فمنهم من قال: هو على الوصي؛ فإنَّ الموصي إنما أمره أن يشتري بثمنه جارية، وقد بان أخيراً أن ثمنه تسع مائة؛ فكان من حقه ألا يشتري الجارية إلا بهذا المبلغ؛ فهو بترك البحث مفرّط. ثم هو ضامن بسبب تفريطه.

ومن أصحابنا من قال: لا ضمان على الوصي في تلك الزيادة، ولكنها في ذمة الميت الموصي تؤدَّى من تركته؛ وذلك أن [الوصيّ] (٢) بالحاكم والعدل [في


(١) في الأصل، (ت ٢): يعدّ. و (ص): " لفذ": والمثبت تقديرٌ منا.
(٢) في الأصل، (ت ٢): الموصي.