للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٤٩٢ - ثم قال: " ولا بأس أن يسلم في الشيء كيلاً، وإن كان أصله الوزن " (١).

وهو كما قال. [و] (٢) قد ذكرنا في باب الربا أن ما كان موزوناً لا يجوز بيع بعضه ببعض كيلاً، وما كان مكيلاً في عصر الشارع لا يجوز بيع بعضه ببعض وزناً؛ فإن باب تحريم التفاضل في الربا مبناه على التعبد، وباب السلم مبناه على الإعلام واتباع العرف فيما يعد مضبوطاً. وإذا كان يجري الكيل والوزن في شيء، فإعلامه بكل واحدٍ منهما ممكن.

فهذا ما أطلقه الأصحاب.

وفيه فضل نظر عندي في الأشياء الخطيرة، فإن فتات المسك يحصره الكيل، ولست أرى الكيل فيه إعلاماً، وكذلك العنبر، وكل خطيرٍ. فلعل الوجه أن يقال: ما كان مكيلاً لا يجوز السلم فيه بالوزن، فإنه حاصر، وما يوزن عرفاً هل يصح السلم فيه كيلاً؟

هذا ينقسم، فمنه ما يُعدّ الكيلُ في مثله إعلاماً، وإن كان الوزن معتاداً، فليصح هذا، وما لا يُعتاد الكيل في مثلهِ ضابطاً، فلا يجوز السلم فيه كيلاً، وإن كانت صورة الكيل تجري فيه.

وإن كان التعويل على قاعدةٍ واحدة، فمسائل التردد ناشئةٌ من تلك القاعدة، ورأيُ النظار عندي مشترك.

وإن استدرك البعض على البعض، لم يرجع الخلاف إلى الفقه، وإنما يرجع إلى أمور حسّية، أو إلى أمور عُرفية.

ولو أسلم في شيء يكال ويوزن، وشرط الكيلَ والوزنَ جميعاً، فهذا ينتهي إلى التعذّر الذي يفسد السلمُ بمثله، وهو مثل أن يقول: أسلمت في مائةِ صاعٍ على أن يكون وزنها إذا رد إلى الوزن خَمسمائةِ منّ. فهذا حكمٌ (٣) لا يتأتى الوفاء به، مع


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢٠٨.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) ساقطة من (ص)، (ت ٢).