العلم بأن الحنطة يتفاوت وزنها بسب اكتنازها، ورخاوتها وصلابتها.
٣٤٩٣ - ولا يجوز السلم في شيءٍ عدداً، وإن كان مضبوطاً، فليقع السلم باعتبار الوزن، وهذا كالسلم في البطيخ والسفرجل، فاكتفاء الناس فيها بالعدد تسامح، والتعويل على العِيان؛ فإنها تتفاوت في القيم. نعم قد يتفق فيها ما لا يتفاوت قيمها، وإن كانت مختلفة الأقدار لتسامع أطبق الناس عليه. وهذا كالبيض والجوز، فلا يجوز التعويل في السلم على العدد، وذلك أن التسامح الذي حكيناه إنما يقع في مقدارٍ يسير كأعدادٍ قليلة من الجوز والبيض، وإذا كثر فالجوزات الكبار والبيضات الكبار، لو جمعت في موضع، وقيست بالصغار تفاوت الأمر، وصدقت الرغبة من الكبار، وظهر تفاوت في الثمن بيّن؛ فلا يجوز التعويل على العدد في شيء من المعدودات.
ويجوز السلم في البطيخ والسفرجل وزناً؛ فإن الوزن يحصر وإن لم يحصر العدد.
وذكر شيخي أن السلم يجوز في البيض وزناً، وكذلك في الجوز واللوز، وما في معناهما. وما ذكره في البيض سديد؛ فإن قشورها لا تختلف اختلافاً به مبالاة. وإن زاد وزنُ قشور الكبار منها، فتلك الزيادة على نسبةٍ غيرِ متفاوتة بالإضافة إلى ما يقصد من المحّ (١) والماح.
فأما قشور الجوز، فأراها تختلف، فمنها رقاق، ومنها غلاظ، ومنها ما ينفرك باليد للطافة القشور، ومنها ما يحتاج إلى معاناة في كسرها، فلست أرى السلمَ مسوَّغاً في الجوز وما في معناه. وإن ذَكر وزنها.
فإن أمكن ضبطُ نوعٍ منها بالوصف يُقرِّب قشورها، ثم اعتمد الوزن، ولم يُفض الأمرُ إلى عزة الوجود، فالجواب الجواز إن اقتضى الحال ذلك.
وقد ذكرت أن اختلاف طرق الأصحاب في هذا الكتاب لا يرجع إلى التردد في أساليب الفقه، وإنما رجوعه إلى مماراةٍ في الوقائع.
وذكر الأصحاب جوازَ السلم في اللَّبِن. والتعويل على الوزن، وقد يجمع إليه
(١) المح: ما فىِ جوف البيضة من صفرة، أو من صفرة وبياض، والماح: ما فيها من صفرة، فالعطف هنا عطف خاص على عام. (معجم).