للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحكم القاسي؛ فنفى صحة الحديث، وقال: لم أجده في الكتب الخمسة المعتمدة، وقال عن إمام الحرمين هذه الكلمة الغليظة: " لا اعتماد عليه في هذا الشأن ".

* أما الحافظ ابن حجر، فقد كان أشد عنفاً حيث قال في التلخيص: " هذا الحديث لا أصل له من حديث حذيفة. وإن زعم إمام الحرمين في النهاية أنه صحيح ".

ثم اتبع ذلك بنقل كلام ابن الصلاح، فقال: " وقد تعقبه ابن الصلاح، قائلا: لم أجده في شيء من الكتب المعتمدة، وإمام الحرمين لا يعتمد عليه في هذا الشأن. انتهى" (١).

* وقبل أن نعلق على هذا الكلام، ونبين ما فيه نورد ما قاله ابن قدامة في المغني عن المسألة نفسها، وعن الحديث نفسه، كذلك ما قاله ابن ضويان في منار السبيل، قال ابن قدامة:

" وأما من أُريدت نفسه أو ماله، فلا يجب عليه الدفع لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة: (اجلس في بيتك، فإن خفت أن يبهرك السيف، فغط وجهك ... وفي لفظٍ: فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل، ولأن عثمان رضي الله عنه ترك القتال مع إمكانه، مع إرادتهم نفسه " (٢).

وقال ابن ضويان: " فإن كان ثَمَّ فتنة، لم يجب الدفع عن نفسه، ولا نفس غيره، لقصة عثمان رضي الله عنه، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الفتنة: " اجلس في بيتك، فإن خقت أن يبهرك شعاع السيف، فغطِّ وجهك، وفي لفظٍ: فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل " (٣) ا. هـ

فهما يسوقان الحديث على نحو سياقة إمام الحرمين، بل إن إمام الحرمين أشار إلى أن ما يستدلّ به مأخوذ من معاني عدة أحاديث، وليس حديثاً واحداً.

...

ومما يستحق أن نذكره هنا أن ابن الصلاح وابن حجر قد عقد كل منهما كتابه أصلاً


(١) تلخيص الحبير: ٤/ ١٥٧ كتاب الصيال حديث رقم ٢١٤٣.
(٢) المغني: ١٠/ ٣٥٣.
(٣) منار السبيل ٢/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>